Maarakeh online logo

m66

33

fss   aass
القس والإمام رؤية انثروبولوجية


♦️د. علي موسى الموسوي / النرويج
سيلٌ جارف من التساؤلات الجدلية المحاطة بفكِ معطيات المعادلة الانسانية، لاتزال تواجه ذواتنا الجريحة والممزقة في عالم يضج بصراخها وخطابتها الرنانة في حين ان احدنا حينما يُشير لاخيه في الخلق لا في الدين، اخيه المُختلف باللون والعرق والجغرافيا فيصفه بالاسود او الاشقر او الابيض.
في خريف ٢٠٠٨ التقيت بالقس"جيمس ووي" ورفيق دربه الإمام "محمد أشفة" بمؤتمر حوار الأديان الذي عُقد آنذاك على قاعة فندق الرشيد في بغداد وعلى هامش المؤتمر عملت معهما حلقتين لصالحِ قناة العراقية، حيث شرحا فيها عن نضالاتِ قصصهم المأساوية وكيف كانت فكرة حراسة الحريات والبحث مابين كومة قش عن انسانيتنّا المُغيبة في رحلة تحدٍ طويلة تكللت في النهاية بالدعوة العظيمة للسلام والتعايش المشترك.
تحولات الفكرة الانسانية مثلها القس والإمام اللذان كانا يعيشان حالة صراع طائفي في نيجيريا تحولت بنهايتها إلى سلام مطلق، شكل هذان المتضادين فكراً وجغرافية صورة نادرة لحالة تعايش إنسانية ما بين إمام مسلم يدعى محمد أشفة وقس مسيحي يدعى جيمس ووي وانطلاقا من مبدأ التسامح والسلام تمكنا من إنشاء مركز للوساطة مابين المسلمين والمسيحيين في نيجيريا وهو ما ساهم في إنهاء العديد من النزاعات الطائفية، والغريب انه لم يكن يتصور أحدهما انه سوف يشارك الآخر حياته بهذه الطريقة ويشعر نحوه بالحب والمودة إذ إنهما كانا خلال الحرب الطائفية التي دارت رحاها في داكوتا بنيجيريا عام 1992 عضوين بارزين في ميليشيات مسلحة تشكلت على أساس طائفي، وخلال تلك الحرب فقد القس جيمس ذراعه، فيما فقد فيها الشيخ محمد معلمه واثنين من أبناء عمومته، وظل الأخير يدبر لقتل القس جيمس ثلاث سنوات إلى أن يسر الله له التوبة التي جعلته يتسامح ويسعى للمصالحة مع القس من منطلق تطبيق تعاليم الإسلام الحقيقي الذي يدعوه إلى قبول الآخر والتعايش معه في سلام، ولم تكن الحالة مختلفة كثيرا بالنسبة للقس الذي توجس بداية اقتراب الإمام محمد أشفة منه، إذ شكك في نواياه لكن سرعان ما زالت الشكوك عندما سمع خطبة أحد الأساقفة والتي تضمنت مقولة شكلت نقطة التحول في حياته وهي: "لا يمكن أن تبشر بالمسيحية وأنت تحمل الكراهية".. لحظتها صفت نفسه لعدوه المسلم وتحولا إلى أصدقاء من خلال جولاتهما في خلق جو من الأمان في نيجيريا حيث تضمنت هذه الجولات محاضرات ودروسا تخاطب العقل والقلب مستشهدين بقصتهما معاً الى ان وصل الاثنان معا في التمهيد لعقد اتفاق داكوتا الذي أنهى القتال في المنطقة سنة 2001، ومنذ ذلك الحين تحولا إلى مُعززين للمصالحة بين الأديان، يجوبان المُدن النيجيرية بل العالم اجمعه لفض النزاعات وإعطاء تدريبات ومُحاضرات في ذلك وكانا ضمن الفائزين بجائزة الابتكار من أجل الحوار بين الثقافات التي تقدمها الأمم المتحدة علما أن القس والإمام هما مديران لمركز الوساطة بين الأديان وهي منظمة تشارك في الحوار والتقريب والعلاقات بين الأديان في نيجيريا والعالم، وعن هذه القصة تم إنتاج فلم وثائقي لتكون أكثر دقة في عرض التفاصيل والأحداث.


القس والإمام رؤية انثروبولوجية



Maarakeh Online footer logo

© 2018 Maarake Online

Powered by:VAST Logo