*معركة* يتنفس الوطن من ذاكرتها المشبعة بحكايات البطولة، اختارت لنفسها الموقع المميز في التاريخ، خير من عرفها المقاومون في زمن الإحتلال إذ كانت عرين المقاومة وكهف رجالاتها الاُول منذ الاستعمار الفرنسي.
لها مع المحتل أكثر من حكاية يرويها ابناء البلدة والجنوب بفرح وبهجة ويرويها الغزاة الصهاينة بأسى ومرارة.
دفعت غالياً ثمن مقاومتها وتصديها للإحتلال ورفضها للعصر الإسرائيلي.
قرية غلفها الإقطاع السياسي بغلاف الحرمان فمارس أقسى أنواع الإذلال والتفرقة بين أبنائها وصولا إلى القتل والمطاردة لكل من يقول لا.
لكن ناسها وأرضها التي احتضنت رفاة أجداد الإمام القائد السيد موسى الصدر أبت أن يستمر هذا الطغيان فانتفضت من بين ركام القهر والحرمان وحملت كرامتها وعزتها ونزلت إلى الميدان لتسطّر ملاحم الإنتصار الكبير الذي قادته أفواج المقاومة اللبنانية امل.
قبل الإجتياح الإسرائيلي تعرضت بلدة معركة لاعتداءات وملاحقات لشبابها وذلك ثمن ولاءها وانتمائها لحركة أمل أسوة بقائدها الامام الصدر.
وبعد الإجتياح الإسرائيلي حاول المحتل الصهيوني عبر عملائه استغلال هذا الظلم وهذه الملاحقات والدخول إليها عبر بوابة التناقضات السياسية والحزبية التي سادت مرحله ما قبل الاجتياح
لكن معركه وعت ابعاد واخطار هذه اللعبة الصهيونيه معلنة رفضها للاحتلال لتبدأ رحلة التعبئة من خلال الإحتفالات والمناسبات .
توقع الصهاينة الغزاة ان تقابل دورياتهم بنثر الارز والورود إلا أن الرد الصدري في معركة جاء بتحريم الابتسامة في وجه المحتل مما أثار غضب المحتل خصوصا بعدما علم بوجود مراكز للحراسة الليلية في البلدة يشارك فيها معظم أهالي البلدة.
وفي منتصف الليل 17 /2 1984 داهمت دورية للمحتل البلدة لتُفاجأ بعدد من الشباب أمام الحسينية من بينهم الشهيد القائد حيدر خليل فيسألهم أحد ضباط الصهاينة (عن مسافة) من أنتم وماذا تفعلون و يأتي الجواب نحن أبناء موسى الصدر وهذه أرضنا بل أنتم ماذا تفعلون هنا أخرجوا من أرضنا فإننا نرفض وجودكم ويسخن الحوار ليصل إلى رشق بالحجارة فيقابل بإطلاق الرصاص في الهواء بعدها يخرج جنود العدو خوفا من الأعظم.
بعد هذه الصفعة والسابقة التي لم يعهدها الصهاينة من قبل، بدأو يعدون العدة لتأديب بلدة معركة فتكون عِبرة لغيرها ويأتي الرد سريعا في 24 شباط 1984 حيث حشدوا أكثر من ألف جندي معززين بالآليات والمروحيات وطوقوا البلدة من جميع الجهات ودخلوها فجرا على إيقاع رصاصهم الغزير لزرع الرعب في قلوب الناس ويبدأ مذياع الحسينية والمساجد بصرخات التكبير إيذانا بالمواجة.
وتدور المعارك رحاها في ساحة البلدة وشوارعها الضيقة وتشارك النسوة والأطفال والشيوخ ويتم استعمال العصي وتبقى معركة لساعات طويلة في مواجهتها هذه (وهي المواجهة المدنية الأولى) لتكون حصيلتها سقوط شهيدين هما الشهيد محمود خليل والشهيد حسين سعد إضافه إلى 57 جريحا نقلوا على السلالم عبر طريق ترابية وعرة إلى بلدة يانوح ومن هناك إلى المستشفيات، وسقط للعدو 5 قتلى و20 جريحا بحسب إعترافات الصحف الإسرائيلية التي وصفت وضع الجنوب اللبناني بأنه أضحى مقبرة للجنود الإسرائيليين.
بعد هذه المواجهة العنيفة توالت الهجمات على بلدة معركة لتصل إلى 53 إعتداء أعنفه كان في 28/6/1984 عرف بعملية شلومو إيليا وقد دخل في هذه المواجهة سلاح جديد عند الاهالي الزيت المغلي وكانت حصيلتها 13 جريحا منهم الاخ سامي مصطفى الذي استشهد فيما بعد في مستشفى حيفا (رغم استقرار وضعه الصحي حيث جعل أطباء اليهود من جسمه حقل تجارب طبي وقد بدا هذا الأمر في جسده) كما اعتقل في هذه المواجهة 135 مواطن....
رغم هذه الخسائر البشرية والمادية خرجت المقاومة وإرادتها الحسينية أقوى وأصلب من القبضة الحديدية.
*حسين معنى*
معركة شرارة الانتفاضات الشعبية وحكاية بطولة جنوبية*