في مؤتمره الصحافي الاخير، خرج وزير الخارجية السابق جبران باسيل بسلسلة مواقف، كل منها بمثابة قنبلة قابلة في حال انفجارها الى قلب المشهد اللبناني الداخلي. فمن بين كل المواقف التي أطلقها تعريجه على مسألة تعديل او تغيير الحكومة والشروط الموجبة التي مرت مرور الكرام، مع انهماك الجميع وتركيزهم على معركة التعيينات الامنية التي فتحها مبكراً وما تَبعها من ردود فعل تردّدت أصداؤها وصولاً الى وادي نهر الكلب.
اعلان
فكلام النائب البتروني لم يخرج من العبث ولم يكن ذراً للرماد في العيون، بل انطلق من معطيات داخلية وخارجية، تقاطعت عند ضرورة إحداث صدمة، بعدما فشلت الحكومة بتركيبتها الحالية وبعد 150 يوماً من إحداث اي تغيير في الاوضاع القائمة، أو في وقف الانهيار المتسارع والأهم في إحداث خرق في جدار الحصار الدبلوماسي القائم عربياً ودولياً.
قراءة برتقالية عزّزها ما سمعته كافة الاطراف السياسية المكوّنة للحكومة من السفراء المعتمدين في بيروت، خصوصاً الاميركي والفرنسي. ساعد في بلورت هذا الطرح أو الدفع باتجاهه، فشل زيارة وزير الخارجية الفرنسية الى بيروت والذي وقع ضحية مكيدة رجال البلاط الحكومي والسفير الفرنسي في بيروت عبر تقارير مغلوطة، بَنت على أساسها باريس خطتها لمواجهة واشنطن، قبل أن تنهار أمام الوقائع اللبنانية التي خبِرها الوزير الفرنسي بأمّ عينه.
أمام هذا الواقع ازدادت النقمة داخل صفوف التيار الوطني والدعوات الى الاستقالة من الحكومة، رغبة من البرتقاليين بعدم التحوّل الى شهود زور، خصوصاً ان رصيد العهد آخذ بالتآكل."انتفاضة" جمهور التيار الوطني لاقتها شبيهات لها لدى قواعد حزبية اخرى لها تمثيلها في الحكومة، فتقاطعت عندها المصالح على ضرورة احداث التغيير المنشود آملا في كسب بعض الوقت، مع تعاظم الضغوط الخارجية وانضمام الأم الحنون واصطفافها الى جانب الولايات المتحدة.
وتكشف مصادر متابعة ان الخميس الماضي شهد سلسلة اتصالات بعيدة عن الاضواء خلصت الى اتفاق مبدئي بين القوى الداعمة والمشكّلة للحكومة، على صيغة تعديل وزاري وفقا لرغبة كل طرف، دون المسّ بحصة اي منها، اي وفقاً للمعادلة القائمة، مع تغيير في آلية الاختيار عبر الحد من تدخّل جهة رسمية لعبت دوراً في تزكية بعض وزراء التركيبة الحالية، بعدما ثبت فشل الآلية التي اعتمدت.
واذا كان ثمة من يعتقد ان معركة التعديل هدفها التعيينات الادارية المقبلة، وقد يكون ذلك صحيحاً، فإنه في المقابل ثمة من يذهب الى ان ثمة قراراً بإعطاء الاحزاب المكوّنة دورا اوضح هذه المرة في رسالة واضحة للمعنيين.
وبحسب اخر الصيغ التي تم تداولها فإن التعديل سيشمل وزراء حزب الله، امل، المردة، وزير الاقتصاد، وزير الخارجية الذي سيستبدل بمستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية، الامين العام السابق لوزارة الخارجية، وثلاث وزراء من التيار أبرزهم وزير الطاقة ريمون غجر.
وتتابع المصادر ان كلاً من الاطراف بدأ البحث في الاسماء التي سيطرحها على رئيس الحكومة قبل عرضها على رئيس الجمهورية للسير بها، على ان يلي الاتفاق تقديم الوزراء المعنيين لاستقالاتهم طوعاً من الحكومة بطلبٍ من الجهات التي سمّتهم.
في المرة السابقة أحبط مسعى رئيس التيار الوطني لجهة تفعيل عمل الحكومة، عبر تغييرها، وفقاً لرؤية البرتقاليين. فهل تسلم هذه المرة جرة الحكومة من التعديل؟ أم ان نائب البترون أجاد حبك التغيير الذي يضغط باتجاهه مدعوماً من رئيس الجمهورية؟ وهل نشهد مفاجئة تقلب الطاولة لناحية الإطاحة بالحكومة كاملة؟
حتى الساعة الاجواء الضبابية عادت لتسيطر خلال الساعات الماضية حيث يبدو ان للرئيس دياب حسابات اخرى ومخاوف. في كل الاحوال الساعات القادمة كفيلة بتبيان الامور بعد فرز الخيوط.
تعديلٌ حكوميّ وشيك؟ ميشال نصر | ليبانون ديبايت | 2020 -آب -03