الحالة التعبانة» والإقبال الكثيف يُذِلان الأهالي
للواء
19 أيلول 2019
زينة أرزوني إقبال كثيف على التسجيل في المدارس الرسمية (تصوير: طلال سلمان)
إقبال استثنائي للمرة الاولى منذ سنوات طويلة تشهده المدارس الرسمية في مختلف المناطق اللبنانية، فـ»الحالة تعبانة، ولم يبق أمامنا سوى التعليم الرسمي»، هكذا يعزّي الاهالي أنفسهم وهم ينقلون أولادهم من مدرستهم الخاصة، التي تعودوا عليها الى أخرى رسمية، هم لا يثقون بالتعليم الرسمي، وعلى دراية كاملة بأن أولادهم سيجلسون لأيام كثيرة في المنزل بسبب الاضرابات التي سينفّذها الاساتذة للحصول على مستحقاتهم، لكن «ما باليد حيلة»، وحدها نتائج الامتحانات الرسمية التي أظهرت ان العدد الاكبر من المتفوّقين كانوا خرّيجي المدرسة الرسمية، تُثلِج قلوب الأهالي.
الزحف الكبير من «الخاص» الى «الرسمي» كما شبّهه وزير التربية أكرم شهيب هذا العام، تفاجأ به مديرو المدارس والثانويات من دون أن يكونوا جاهزين لاستيعابهم، حتى أن بعضهم رفض طلبات كثيرة، مفضلين أبناء المنطقة التي تتبع لها مدارسهم، ما أثار اعتراض الأهالي، الذين تقدموا بشكاوى الى وزارة التربية التي كانت قد اكدت انها لن تسمح ببقاء تلميذ من دون مقعد دراسي، وشكّل مديرها العام فادي يرق لجنة متابعة لتسجيل التلامذة في المدارس الرسمية للتعامل مع الوضع المستجد، وتبيان قدرة الصفوف على استيعاب أعداد أكبر من الطلاب، إلا أن عددا من الأهالي استنكروا في رسائل كتبوها على صفحة «طلاب لبنان»، المعاملة السيئة وإذلالهم من قِبل بعض المدارس الرسمية، بحجّة عدم وجود مقاعد شاغرة لأولادهم، كما روى أحد أولياء الأمور أنّه تفاجأ برفض تسجيل أخيه في إحدى المدارس الرسمية بحجّة انتهاء فترة التسجيل، علما بأنّ وزير التربية مدّد مهلة التسجيل في المدارس والثانويات الرسمية حتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الخميس 10/10/2019.
المشاكل التي تعاني منها المدارس الرسمية تتكرّر مع كل موسم دراسي جديد، فالمدارس غير قادرة على استيعاب هذا الكم الهائل من التلامذة ليس على صعيد المباني فقط، فهناك أيضاً نقص فادح في معلمي الملاك.
ويُتوقّع أن يرتفع عدد تلامذة المدارس الرسمية من اللبنانيين إلى أكثر من 300 ألف تلميذ، يوازيهم تقريباً عدد من التلامذة السوريين النازحين والفلسطينيين أيضاً، الذين عمّم الوزير شهيب بالسماح بتسجيلهم في المدارس الرسمية، بعدما تبيّن أنّ تقديمات «الأونروا» في التعليم قد تراجعت إلى حدود خطيرة، وهو حسم بعدم ترك أي تلميذ بلا مقعد دراسي، وهذا يعني أن الضغط على المدرسة الرسمية تضاعف.
وبعد أيام من فتح باب التسجيل في المدارس الرسمية، رصدت مصادر في وزارة التربية الإقبال الكثيف من قبل التلامذ هذا العام على عكس الاعوام الماضية، مؤكدة انها حتى الساعة لا يمكنها الحديث عن أرقام محدّدة.
في المقابل، وبعد حديث وزير التربية عن أنّ «هناك نزوحاً من التعليم الخاص إلى التعليم الرسمي لسببين: الاول أن الأهالي يفضّلون المدرسة الخاصة في التعليم الأساسي، وعند انتهاء الشهادات المتوسّطة، ينقلون أولادهم الى الثانوية الرسمية لأنها تتقدّم بشكل ممتاز، واليوم زاد العامل الاقتصادي والاجتماعي، فهناك نزوح من المدرسة الخاصة الى الرسمية»، اعتبر الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين أن «كلمة نزوح مبالغ فيها. كل سنة تكرِّر وزارة التربية النغمة نفسها والعدد يبقى ذاته في المدارس الرسمية او يتراجع، لأن الناس ليست لديهم ثقة بالتعليم الرسمي ويفضلون الاستدانة لتعليم ابنائهم، عوض إرسالهم الى المدرسة الرسمية، وهذا دليل رقي الشعب اللبناني».
ولفت في حديث صحفي إلى أن «نسبة التلامذة في المدرسة الرسمية 31 في المئة، وستبقى كذلك. وانتقال خمسة او عشرة تلامذة من الخاصة الى الرسمية لا يُعتَبر نزوحاً»، مضيفاًك «لا اتوقع ان يحصل نزوح بالرغم من الازمة الاقتصادية وارتفاع الاقساط، خاصة بالنسب التي يتحدثون عنها. يتوقعون ان تكون الزيادة بنسبة 10 في المئة، هذا الكلام إنشائي. قد ترتفع 1 او 2 في المئة اما الحديث عن 10 في المئة فهذا الكلام غير دقيق. التسجيل بدأ لننتظر ونر النتيجة».
كما أن الإحصاءات التي نشرتها «الدولية للمعلومات»، تؤكد تراجع نسبة الطلاب في المدارس الرسمية سنة بعد أخرى، إذ بلغت هذه النسبة 42.4% في العام 1974-1975 (أي قبل الحرب اللبنانية) وهي أعلى نسبة سجلت وتراجعت إلى 29.5% في العام 2010-2011 وهي أدنى نسبة سجلت، وبلغت النسبة 31% في العام الدراسي 2018-2019 .
ونتبيّن ارتفاع نسبة الطلاب في التعليم العام ما قبل الجامعي (1974 – 2019) بنسبة 34.3% بينما ارتفعت نسبة الطلاب في التعليم الرسمي بنسبة 5.5% فقط، أي أن الزيادة استوعبتها المدارس الخاصة.
وأشارت «الدولية للمعلومات إلى أن «عدد المدارس الرسمية بلغ 1.257 مدرسة في العام الدراسي 1966-1967 وارتفع إلى 1.348 مدرسة في العام الدراسي 1973-1974 ووصل إلى 1.448 مدرسة في العام 1980–1981 وانخفض إلى 1.261 في العام الدراسي 1991-1992 مدرسة واستقر على هذا الرقم حتى اليوم في العام الدراسي 2018-2019 وفقاً لما هو مبين في الجدول رقم أدناه».
وأجرت «الدولية للمعلومات» مقارنة بين عدد الطلاب وعدد المدارس، تبيّن من خلالها أن عدد الطلاب في المدارس الرسمية قد ارتفع بنسبة 5.6% خلال الأعوام 1974-2019 وأن عدد المدارس قد انخفض بنسبة 6.4% خلال الفترة ذاتها. لكنه تم خلال هذه الفترة تشييد مدارس جديدة وتوسعة المدارس القائمة ما يعني أن قدرة المدارس الاستيعابية قد ارتفعت فعلياً بالرغم من انخفاض عددها وبالتالي فلديها قدرة استيعابية لطلاب جدد.
الحالة التعبانة» والإقبال الكثيف يُذِلان الأهالي أمام «الرسمي».