تصوير :فوزي سليمان
اليوم
يمثل الجار علامة بارزة من علامات المجتمع وله منزلة خاصة وأوصت به الاديان كافة وكان الجار سابقا اقرب من الاخ والاهل وكانت الجيرة تحمل في طياتها انبل واصدق المشاعر وكان الاحترام والطيبة والوصال اساس التعامل بين الجيران ولفرط ما كان الجار يحتاج الى جاره ولا يستغني عنه كانت البيوت قديما يوجد بها ما يسمى (الفرية) وهي عبارة عن فتحة بحجم الباب وهذه الفتحة تكون موجودة في الجدار الفاصل بين بيتي الجارين لتبادل الزيارات فيما بينهم دون العناء والخروج من الباب الخارجي للبيت وكذلك من مظاهر التآلف بين الجيران الاستعارة اي استعارة اي شيء ينقص الجار من جاره كالأواني مثلا وكذلك من جملة السلوكيات الرائعة والتي تدل على الأصل والشهامة هو فتح الرجال مجالسهم وديوانياتهم للجار في المناسبات فمن كان بيته ضيقا وليس به متسع فيعينه جاره ويفتح بيته وقلبه ويسانده في امور الضيافة من خلال المشارعة وتقديم المعونة وبالأخص بين النساء. تعاملات وتحكي (أم عويد) عن الماضي الجميل وكيف يعامل الجار جاره وتقول: كان الجار يحتوي جاره بكل مافي الكلمة من معنى وكأنه يعيش معه كاسرة واحدة وكانت النسوة سابقا متعاونات ومتحابات الى ابعد الحدود فحينما تلد الجارة تقوم جارتها بخدمتها في تنظيف وطهي الطعام الذي يكون مخصصا للمرأة المرضعة (كالحلبة) هذا الغذاء المفيد الذي يمد المرأة النفساء بالقوة والطاقة لتتماثل الشفاء لذلك ترى المرأة سابقا بعد الولادة بقليل تباشر حياتها اليومية وتشرف على اشغالها واموار اسرتها وليس كما بنات هذا العصر حينما تلد الواحدة منهن تجلس في منزل اسرتها ما يقارب الشهر واكثر وتمتنع عن تناول الحلبة وتناول اي طعام مفيد. اخوة وتشتاق (أم حسين) الى جاراتها القدامى اللاتي انست بهن وانسن بها في زمن ولى واندثر وكان الجيران قديما يتمتعون بصدق المعشر وطيب الفؤاد وحسن النية حتى الاطفال فهم يكبرون ويتربون في منازل جيرانهم فالجارة تكون كالخالة لأولاد جيرانها تحن عليهم وتعتني بهم وفي الماضي كانت البنت تلعب مع الولد بكل براءة وعفوية ويستمتعون بالالعاب الشعبية واي شجار يحدث بينهم لا يؤثر على العلاقة بين الجيران عكس ما يحدث الآن فاي خلاف وشجار يحدث بين الاطفال مهما كان بسيطا يؤثر سلبا على العلاقات حتى بين افراد الاسرة الواحدة وبين ابناء الاشقاء.. وتصف (أم حسين) بأن الزمن اختلف ولم يعد احد يزور جاره ويطمئن عليه حتى في المناسبات وهناك جيران لا يعرفون بعضهم البعض ولا يكلفون حالهم القاء السلام والتحية وبات كل واحد مشغولا بحاله وبأموره. مدنية وتستغرب (زينب) من سكان قرى القطيف ما آلت اليه احوال الناس فكما تقول: من المعروف ان سكان اهالي القرى اكثر ترابطا وتواصلا من سكان المدن بحكم طبيعة المعيشة المدنية ورتم الحياة المتسارع ولكن المؤسف حقا ان اهالي القرى البسطاء لم يعد هناك الوئام والتواصل فيما بينهم نتيجة الحداثة والتحضر السلوكي والمظهري فتمر مناسبات عظيمة كشهر رمضان الكريم والعيدين والجار لا يرى جاره ولا يعلم عن احواله ولا يتذوق زاده. تجربة وتحكي لنا (غدير) عن تجربتها التي وصفتها بالمحرجة فقد اعتادت منذ صغرها على الاحتكاك بجيرانها والذهاب واللعب مع اولاد الجيران وكلما احتاجت امها غرضا ينقصها في المطبخ ارسلتها الى احد الجيران لتستعير منه وكبرت ونشأت على هذه المبادىء الاخوية بين الجيران وعندما تزوجت سكنت في شقة وتقابلها شقة في نفس العمارة وقد فرحت انه سيكون لها جيران جدد تتعرف عليهم وتتبادل الزيارات معهم وما حدث انها تصرفت على سجيتها ووفق البيئة التي خرجت منها ولكنها فوجئت من موقف جيرانها الجدد السلبي حيث كانت ترسل احد ابنائها وتستعير من جارتها اي شيء ينقصها كالبهار وبعض الخضار والادوات وكانت تسمح لابنائها باللعب مع اولاد الجيران وزيارتهم ولكن ماحدث يفوق الاحتمال حيث جاءت احدى الجارات لزيارتي لاول مرة حاملة بيدها ظرفا به مبلغ مالي اتفقت الجارات على جمعه لاعتقادهن اننا فقراء نحتاج الصدقة بالاضافة إلى انها قدمت لي نصيحة بان احافظ على اولادي وارعاهم داخل الشقة وعدم السماح لهم بالتنقل من شقة لاخرى لانهم يتسببون بالازعاج للآخرين وكانت هذه الزيارة بمثابة الصدمة التي جرحت مشاعري واحرجتني اشد الاحراج والواقع الذي نعيشه خلاف ما عاشته في الماضي في منزل اهلها وبين جيرانها القدامى. خصوصية وتؤكد (أم حسان) انه ما عادت الجارة تحتاج الى جارتها في شيء او تستعير منها بل على العكس اصبح الناس يكرهون ان يستخدموا حاجيات غيرهم وان يأكلوا من اطباق جيرانهم ولا يوجد الا الجار المؤذي الذي يتسبب بالمشاكل ويفتعل الشجارات وهناك من الجيران ابوابهم موصدة لا يبالي بجاره في اي ظرف ولا يقدم له اي مساعدة او معونة ولا يدعوه للضيافة في اي مناسبة او وليمة. سرعة (محمد شهاب) اخصائي اجتماعي بمستشفى الدمام المركزي يشير الى انه رغم التكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة والمتعددة والتي ينبغي ان تلعب الدور الايجابي في حياة البشر وفي علاقاتهم الاجتماعية سواء كان بين الجيران ام الاقارب لكن ما حدث هو العكس تماما حيث تقوقع كل واحد في بيته وقلت المشاركات الوجدانية بين البشر نتيجة نمط المعيشة ورتم الحياة المتسارع واصبح الكل منشغل بنفسه وبأموره الخاصة وحلت القطيعة والتنافر بين البشر حتى بين افراد الاسرة الواحدة وانا لا اغالي ان قلت ان المصافحة والقاء التحية باتا من الامور النادرة ويكونان في المناسبات الرسمية والضيقة بل على العكس هناك من الجيران من تدب بينهم العداوة والبغضاء والمشاحنات التي تصل في احيان كثيرة الى مخافر الشرطة ويحصل ما لا تحمد عقباه ولكن لو «خليت خربت» هناك بالمقابل من يراعي حق الجار ويحافظ على عادات الجيرة الاصيلة من تعاون ومودة وشهامة.
العلاقات بين الجيران اختلفت عن الماضي