خليل الخوري
♦️تهبط الأرقام على اللبنانيين، هذه الأيام، كالمطر الغزير. مَن يَعرف ومَن لا يَعرف يتحدّث بالأرقام، ويُحددها حتى ما بعد الفاصِلة. فلم يعد في مقدور أحد أن يُميّز بين الخطأ والصواب، وبين الحقّ والباطل. خبراء ومُستَخبرون وإستخباريّون (…) كلّهم يتحدّثون عن الثروات الطائلة، وتهريب الأموال المذهل إلى الخارج، والصفقات الهائلة. حتى لَيخال مَن يضربونه بالأرقام الخرافية أنّ في لبنان العشرات من الذين يتفوّقون بثرواتهم على بيل غيتس وكارلوس سليم.
نود بدايةً أن نُعلن أننا لسنا في موقع الدفاع عن أحد، ولكننا بالتأكيد لسنا في موقع إدانة أحد أيضاً. فلتُرفَع القضايا أمام قضاء عادل، أجل عادل، تكون له الكلمة الفصل في هذه الأمور كلّها.
أن يكون في لبنان فساد وفاسدون، فهذا طبيعي، إذ ليس جميع الناس ملائكة، ولا هم جميعاً أبرار وقدّيسون. أما ما ليس من المنطق بشيء أو من المعقول فأن يصبحَ كلّ واحد خبيراً وإختصاصياً وضليعاً في العلم والمعرفة فيفرضَ ذاته عليماً فوق كلّ عليم، وقد “ختمَ” كتاب الأرقام.
فالجماعات من السيدات والسادة الذين يطرّزون الشاشات بالطلات البهية، ويندبون أنفسهم للمهمة الجلل فيدفقون “معلوماتهم” علينا نحن الذين كُتب لنا أن نتلقى ما ينطقون به من أرقام و”معلومات” وتحاليل، وآراء معظمها خنفشاري… فالمطلوب من هؤلاء أن يتواضعوا قليلاً، وأن يحتكموا إلى الضمير والوجدان.
ولا بأس أن يقول البعض: لا نعرف. أو أنّ ما نعرفه هو جزئي، أو أنّ معلوماتنا استقيناها من مُتظاهر كان “يفشّ خلقه”. إلخ…
طبعاً هذا لا ينفي وجود البعض من أصحاب الخبرة الحقيقية المُكتَسبة بالتحصيل العلمي والممارسة الجدية والمسار الرصين. ولكن على معظم الذين يرشقوننا بأرقامهم الخيالية أن يصمتوا.
ولقد لا يكون الحق على هؤلاء الأدعياء وأصحاب الغرض والمصالح والمنافع، وبعض المأجورين لدى أطراف عدة… أجل قد لا يكون الحق عليهم، ولا الذنب الكبير ذنبهم قدر ما هي مسؤولية وسائط الإعلام التي تفتح صفحاتها وشاشاتها وأثيرها لمن يشاء، فهذه الوسائط هي ملك المتلقي قدر، وربما أكثر، مما هي ملكَ أصحابها.
ذات زمنِ قال الرئيس – الضمير الدكتور سليم الحص، أمدّ الله في عمره، إن الرقم في لبنان وجهة نظر، وهذا القول المهمّ وردَ يوم كانت الناس متواضعة والأرقام محدودة والفرضيّات لا تتقدّم على الحقائق…
وأما اليوم فليكن الله في عون اللبنانيين.
Alpha lam-الشرق
برج بابل الأرقام.. وأما اليوم فليكن الله في عون اللبنانيين.