محمد علوش
14 آذار 2020 الساعة 23:27
الديار
أناط الدستور اللبناني بالحكومة، صاحبة السلطة الإجرائية، وبموجب المادة 65 منه، والمعدّلة في 21 أيلول 1990، إعلان حالة الطوارىء في البلاد، وهذا الإجراء يُتخّذ في احيان كثيرة أغلبها يحمل الطابع الأمني، ويتم من خلاله فرض أمور قاسية على الناس، منها منع التجوّل، تحديد المواد الإعلامية التي يمكن أن تُبث، وغيرها، وتكون عندها السلطة العليا للجيش اللبناني، الذي يتمكن من تحديد الخيارات المناسبة وفقا لرؤية قيادته. ولكن ليست هذه حال الطوارىء التي تُبحث في لبنان.
تجتمع الحكومة اللبنانية اليوم في جلسة استثنائية عصرا، ستتم خلالها دراسة الخيارات الممكنة لمواجهة انتشار فايروس كورونا، وتحديدا وبحسب مصادر مطّلعة، سيتم البحث في مدى الحاجة لإعلان حال الطوارىء الصحية في لبنان. تؤكد المصادر أن التوجه الحكومي يبقى رهن التطورات ولكن نسبة اتخاذ هذا الخيار تكبر، خصوصا بعد أن تخطّى عدد المصابين بالكورونا في لبنان الـ 100. فما الذي تعنيه «الطوارىء الصحية»؟
بداية، تودّ المصادر التأكيد على أن إعلان حالة الطوارىء الصحية ليست أمرا مخيفا، بل ضروريا لرفع مستوى التحدّي، وبالتالي مسؤولية اللبنانيين في مواجهة خطر الكورونا، مشيرة الى أن لبنان يعيش منذ 5 أيام حالة طوارىء صحية غير معلنة، وربما غير مكتملة، وقوامها، كل حملات الإقفال التي حصلت في لبنان للمطاعم والمجمعات التجارية، والنوادي الرياضية، والمقاهي، ودور العبادة، والحدائق العامة والساحات، وما الى هنالك من إجراءات قامت اللجنة الحكومية المكلفة متابعة ملف "الكورونا" بطلبها من المعنيين بها.
وتشدد المصادر على أن إعلان حالة الطوارىء الصحية يستتبع تدابير إضافية أبرزها إقفال تام لحدود لبنان الجوّية والبرية، وبالتالي سيتم وقف جميع الرحلات الجوية من والى لبنان، مع العلم أن لبنان كان قد اتخذ قرار الحدّ من هذه الرحلات سابقا، كما قرر وقفها من والى دول معينة، إضافة الى منع دخول وخروج أي شخص على معابر لبنان البرية، والبحرية، إقفال الإدارات العامة والمؤسسات العامة بشكل كامل، بعد التوجه منذ ايام الى المناوبة والمداورة. وفي هذا السياق تؤكد المصادر أن هذا الإقفال التام، يُستثنى منه ما يلزم لتسيير شؤون المرافق العامة الضرورية لحياة الناس، كالمراكز الصحية الرسمية، وبطبيعة الحال المستشفيات، ومؤسسة الكهرباء ومؤسسة الماء، وبالتالي يتم وضع جداول العمل الخاصة بهذه المصالح وفقا لما تقتضيه المصلحة.
ولا تنتهي الإجراءات هنا، بل تشمل القطاع الخاص أيضا، فسيتم منع التجمعات، وفضها بالقوة بحال الضرورة، إقفال كل الشركات الخاصة، وكل المحال التجارية، ما عدا تلك التي تُستثنى من ذلك، أي محال الخضر والسمانة، الأفران، الصيدليات ومراكز توزيع أدوات ولوازم الوقاية من «الكورونا»، السوبرماركات، وبتعبير أدق، الإبقاء على كل ما له علاقة بالشأنين الصحي والغذائي فقط، مع إلزامهم باتخاذ تدابير استثنائية للوقاية، إضافة الى محطات الوقود.
تشير المصادر الى أن إعلان حالة الطوارىء الصحية يعني وضع إمكانات الدولة بخدمة القطاع الصحي، عبر وزارة الصحة العامة، كذلك وضع إمكانات القطاع الصحي الخاص في خدمة الوزارة، وإنشاء خلية عمل صحية تتابع التطورات، وبالتالي يُصبح هم «الدولة» منصبّا على هذا الملف، فماذا عن دور الأجهزة الامنية؟
لم يكن مستغربا تزامن انعقاد المجلس الاعلى للدفاع بعد موعد انعقاد الحكومة اليوم، فكل ما سبق وذُكر سيتم وضعه بعهدة القوى الأمنية والعسكرية التي ستسهر على التنفيذ، ويعاونها بذلك جهاز شرطة البلديات التي ستكون الأكثر تحمّلا للمسؤولية ضمن نطاقها، وهذا فعلا ما بدأ تحضيره منذ يوم أمس، لإعطاء مهلة للناس لتجهيز ما يلزمها لأجل الحجر المنزلي.
وفي هذا السياق تكشف مصادر أمنية أن المؤسسة العسكرية، ومؤسسة الأمن الداخلي، وكل مؤسسات الأجهزة الأمنية في لبنان، ستنخرط في تنفيذ حالة الطوارىء الصحية، ولكل جهاز عمله، الذي سيتم الاتفاق عليه بحسب خطة العمل، مشيرة الى أن القوى الأمنية ستتعامل بحزم وجدّية مع التنفيذ، ولن تتهاون مع المخالفين لان المخالفة هنا لا تؤثر في صاحبها وحسب بل في مجتمع كامل.
إن دقّة المرحلة تفرض اتخاذ التدابير الاستثنائية، والحكومة التي حاولت التعامل مع الأزمة بتدرج لكيلا يقع الضرر الكامل على اللبنانيين، باتت اليوم ملزمة بأن ترفع درجة التأهب، لأن الخطر لم يعد احتمالا.
لـــبـــنــــان يـتحضر لإعــــلان حـــالــــة الــطـــوارىء الصحية وهـــــذه أبـــــــــرز إجراءات بـــدايـــــــة الأسبوع