By جريدة الشرق on ۲۰ يناير، ۲۰۲۰
انعدام الحركة وإقفال مؤسسات بالجملة والمفرق
كتبت ريتا شمعون:
على وقع الإحتجاجات هي الأعنف منذ بدء الحراك في 17 تشرين الأول الماضي طاولت شوارع بيروت العاصمة المشهورة بالمتسوقين والسياح والتي باتت اليوم حزينة وقاسية لياليها، مع حركة تجارية معدومة وسياحية منسية في ظل تراجع إقتصادي كامل في كل القطاعات الإقتصادية وخصوصًا التجارية التي تحاول الصمود، وكبريات المؤسسات التي تقفل أبوابها كالمجمّع التجاري Le Mall في سن الفيل مع بداية شهر نيسان المقبل حيث أبلغت إدارة المجمّع الموظفين لديها أنها ستقفل المجمّع خلال شهرين ،وكانت منذ ثلاثة أشهر تدفع نصف راتب للعاملين لديها والبالغ عددهم 500 ،كما أوضحت شركة Azadea المخوّلة باتخاذ قرار الإقفال أو عدمه انهاأبلغت الحبتور بأنها ستقفل جزءا من المحال بسبب تراجع مستوى العمل وبسبب الضائقة الإقتصادية.
ولعل إقفال عدد من المؤسسات التجارية في لبنان ينذر بوقوع إنفجار إجتماعي وشيك تصبح السيطرة عليه أمرا صعبا إذا استمرّ تجاهل السلطة والفعاليات السياسية في لبنان ،في وقت يستكمل الرئيس المكلّف حسان دياب مهمته بصعوبة لتشكيل حكومة باتت ملحة لإنقاذ ما تبقى من البلد ومقوماته .
«الشرق» جالت في الأسواق التي تراجعت حركتها الإقتصادية بشكل لافت في الحمرا وجونية وتوقفت عند هواجس التجار ومعاناتهم .
عيتاني
رئيس جمعية تجار الحمرا زهير عيتاني إستنكر في حديث لـ»الشرق» ما حدث ويحدث في المنطقة تحت حجة المصارف «فصورة التكسير في الشارع غير مقبولة وانا لا أريد الدخول في تفاصيل الإعتداءات على المصارف أو الأسباب التي أدّت الى ذلك ،فإن ما يحصل هو إستهداف لقلب بيروت ولعلّ ما زاد الطين بلة الأصداء السلبية التي حتما ستنعكس على الأسواق في منطقة الحمرا التي تعاني في الأساس وتحمل أعباء التراجع الحادّ في حركة الأسواق التجارية.
وتابع «إن هذه المنطقة المعروفة في قلب العاصمة بيروت بنشاطها الإقتصادي أقدم عدد من التجار في الأشهر الأخيرة من العام الماضي على إغلاق محالهم أو تقليص حجم أعمالهم بسبب الوضع الإقتصادي وغياب السياح ومنهم من اضطر إلى إقفال محله حيث لم يعد قادرا على دفع الإيجار والتكاليف الأخرى .
وأشار الى أن حركة البيع والشراء مصابة بالشلل والخسائر تزداد يوما بعد يوم مؤكدا أن استمرار الوضع كما هو عليه سيدفع بعض أصحاب المحلات التجارية الى الإقفال قريبا .
وحذّر من أن القطاع التجاري بات في دائرة الخطر حيث سجلت نسبة التراجع في العام الماضي حوالى 50% موضحا أن التجار في المنطقة بذلوا جهودا كبيرة لتصحيح أوضاعهم كإدخال شركاء والحصول على قروض مصرفية لكن الأزمة الإقتصادية كانت ولا تزال أقوى.
وتعليقا على ظاهرة الإقفال أوضح عيتاني، انها دلالة على تراجع المداخيل من جهة وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين من جهة أخرى .
واستبعد حصول تحسن في الواقع التجاري حاليا داعيا الجميع الى تحمّل مسؤولياته وتأليف حكومة تعالج فورا الملفات الإقتصادية العالقة منذ زمن وتتألف من إختصاصيين يسهمون في تخفيف الانعكاسات الخطيرة لهذه الأزمة .
وناشد عيتاني المعنيين خصوصا الأمنيين منهم ضرورة الحفاظ على أمن الأسواق في الحمرا المشهورة والمتميزة من حيث أنها تحتضن وزارات الداخلية والسياحة والإعلام ومصرف لبنان وبعض المرافق التربوية كالجامعة الأميركية وكذلك بعض المؤسسات الإقتصادية وكذلك بضرورة الحفاظ على سمعة العاصمة بيروت والحمرا «قلب بيروت «.
عيراني
رئيس جمعية تجار جونية سامي عيراني أكّد في حديث ل «الشرق» أن «الإعلان عن إقفال المجمّع التجاري Le Mall في سن الفيل شكّل صدمة سلبية للبنانيين خصوصا أنه سيطاول حوالى 500 عائلة حيث تبلّغوا بإنهاء خدماتهم بعد حوالى الشهرين من اليوم ،وسوق جونية ليس بأفضل حال فهو غارق في الضائقة الإقتصادية التي يعيشها لبنان ، هناك خطورة مطلقة لأننا نخسر كل يوم والخسارة مفتوحة إذا أقفلت المؤسسات أبوابها أو فتحتها فعلى سبيل المثال إن سوق المدينة المشهور بزحمة المتسوقين لم يعد كذلك نتيجة النقص الحاد في السيولة لدى المواطنين وهذا ما يشكل ضغطا معنويا وماديا على التجار» .
وأضاف: «أننا نشهد في لبنان بعد حوالى تسعين يوما على الإحتجاجات في الشارع ثلاثة إنهيارات:
إنهيار للمؤسسات التجارية في لبنان من خلال إقفال عدد كبير من المؤسسات، الإنهيار الثاني هو إرتفاع معدّلات البطالة التي وصلت وبحسب البنك الدولي الى نحو 40% خصوصا في صفوف الشباب الأمر الذي ينذر بأزمة إجتماعية في لبنان ، والإنهيار الثالث الذي نحذّر منه هو إنهيار القطاع المصرفي في لبنان ،فالمشكلة الإقتصادية التي تحوّلت الى نقدية ومصرفية انعكست سلبا وزادت الأمور تعقيدا في كل المجالات وفي كل القطاعات الإقتصادية مشيرا الى أن إنقطاع السيولة عن القطاع التجاري أوقع أضرارا هائلة وإذا استمرّ سيقضي على عدد كبير من المؤسسات التي تحاول الصمود رغم كل شيء .
وسأل عيراني: ما هي الغاية من توجيه بوصلة المحتجين نحو المصارف والمركزي في الحمرا ،وما مغزى هذه الهجمة التي أتت مباشرة بعد الإعلان عنها بوسائل التواصل الإجتماعي والإعلام لإستهداف هذا القطاع بما يعتبرونه عن صواب أو عن خطأ سبب إفقار الناس وسارق أموالهم؟
وأضاف أليست الحكومات المتعاقبة هي المسببة الرئيسة لهذه الأزمة ؟أوليست هي من يقترض من المصرف المركزي لسد العجزالمتنامي ودفع مستحقاتها ؟
كما إستنكر تحطيم الصرافات الآلية والتعدّي على المصارف بالتخريب والتكسير في الحمرا وفي جونية وفي مناطق عدة من لبنان سائلا لمصلحة من كل هذا التخريب ؟
وأشار الى أن الإنهيارات بدأت بالقطاعات الإنتاجية مرورا بالقطاعات التجارية وصولا الى القطاعات الخدماتية والسياحية ثم أعقبتها بصرف العمّال والموظفين وما نشهده من إقفال لكبريات المتاجر والمراكز التجارية وكان آخرها Le Mall والمؤسسات السياحية إنه لمشهد كارثي .
وتابع :بالعودة الى أسواق جونية فإن التراجع المستمر في حركة الأسواق خلال الفصل الأخير من العام الماضي بات ظاهرة نعيشها كل يوم ونلمس تداعياتها كل يوم من خلال الإقبال الضعيف ما انعكس سلبا على نسبة المداخيل من عائدات المبيعات التي تراجعت وهي بالكاد تغطي اليوم المصاريف «أو كلفة التشغيل».
وقال «إن الحركة أقل من عادية أو شبه متوقفة إذا ما استثنينا فترة الأعياد (الميلاد ورأس السنة) فالمنحى التراجعي استمرّ إذ بلغ 50% عن العامين الماضيين والتخوف اليوم من استمرار الأزمة التي تهدد بقطع أرزاق المؤسسات ،بالاضافة الى الأزمة المالية التي تضع العلاقات التجارية بين التجار اللبنانيين والموردين داخليا وفي الخارج في مأزق خطير بسبب الأزمة النقدية مشيرا الى أن «المخزون لديهم سينتهي أي لدى المؤسسات التجارية» .
وناشد المسؤولين العمل على وقف الانحدار القوي في الحركة التجارية التي انعدمت مؤخرا من خلال تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة وتوحي بالثقة فورا وتكون بعيدة عن المحاصصة تعالج كل أنواع الهدر وصناديق سرقات الأموال وذلك تفاديا للآثار المدمّرة التي تمر بها البلاد على الأصعدة المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية» .
إقتصاد
ركود اقتصادي في الحمرا وجونية وإقفال المؤسسات بالجملة والمفرق