By جريدة الشرق on ۵ يناير، ۲۰۲۰
حاورته ريتا شمعون:
كيف سيكون لبنان عام 2020؟ وكيف سيخرج من دائرة الخطر وخصوصا أن الإقتصاد اللبناني يتجه الى الإنحدار بكل قطاعاته إضافة الى تعطيل منظومة العمل المالي والنقدي وذلك من دون حصول أي جهد من قبل السلطة لإعداد خطة لوقف التدهور ؟ .
أما اليوم وقد دخل الحراك شهره الثالث بات من الواضح أن الجميع في الداخل والخارج بانتظار تشكيل الحكومة الجديدة التي ستحدد من خلال هوية أعضائها وبرنامجها مسار لبنان الإقتصادي والسياسي لأن لبنان على مفترق طريق وكذلك الطائف وما تبقى من عهد الرئيس ميشال عون كما قال الخبير الإقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديث ﻟ»الشرق» .
وأكد أن لبنان لم يعد يملك رفاهية إضاعة الوقت فمع مرور كل يوم تأخير في تشكيل الحكومة تصبح الأمور أكثر تعقيدا ما ينعكس سلبا على الواقع المعيشي وعلى الطبقتين الفقيرة والوسطى الأكثر تضررا في مثل هذه الأزمات ،فما بعد 17 تشرين ليس قبله.
وأضاف أن لبنان بحاجة اليوم الى حكومة توحي بالثقة وتلبي شروط الدول الغربية باعتمادها نهج الإصلاح على أن تكون من الإختصاصيين وأن يكون لها إنعكاسات إيجابية من خلال خطتها المالية والإقتصادية على واقع الأزمات التي يعاني منها لبنان واللبنانيون لكنه أبدى من جهة أخرى، تخوفه من أن الضغوطات والعراقيل تؤخر تأليفها خصوصا أن ولادتها لا تزال عالقة في التفاصيل «المذهبية والطائفية والحزبية «سواء في شكلها أو طبيعة الوزراء وأسمائهم ،فثمة شيء يدفع في اتجاه التساؤل عما إذا كان الرئيس المكلّف حسان دياب سيعتذر عن عدم التأليف في حال استمرّت تلك الضغوطات التي وصفها بالهائلة وبهذه الحال قد تتعثر من جديد عملية الإستشارات النيابية لأشهر وربما إعادة تسمية الرئيس سعد الحريري من جديد لكن «بشروط وبشروط مضادة «.
وأشار حبيقة الى سابقة في مسألة تأليف الحكومات وبالتالي كسر القاعدة القديمة التي يتسابق فيها عدد من المحسوبين على الجهات السياسية من أجل الإنضمام الى الحكومة أو من أجل «التوزير» أما فإن الذي يقبل المشاركة في الحكومة سيحمل صفات «إستشهادي» تصلح لمواجهة الأزمات والمشاكل والعقوبات والتحديات المنتظرة بالتالي وبحسب ما علمنا هناك من اعتذر عن عدم المشاركة .
وقال: «إن تأليف الحكومة العتيدة سيكون بداية حلّ قد يستغرق أقله ستة أشهر لاستعادة الثقة ولمعالجة تداعيات الملفات الإقتصادية والاجتماعية كالبطالة والأزمة المصرفية وشحّ السيولة والكهرباء والمياه للخروج من المأزق ،فيما يبقى الأهم هو التركيز على عوامل الإستقرار والنمو من خلال إجراءات محدّدة زمنبا توقف التدهور الإقتصادي .
كما أبدى انزعاجه من تفويت فرصة الأعياد (الميلاد ورأس السنة) حيث كان من المفترض أن تولد الحكومة ويأتي السياح الى لبنان لكن هذا الأمر أيضا لم يحصل وربما لم نعد نرى لبنان على الخريطة السياحية في المرحلة المقبلة .
وردا على سؤال ،قال حبيقة: عمليا إذا ولدت الحكومة ووضعت برنامجها بدقة وخصوصا في ما يتعلق بالفساد ،فمن ناحية الشق الإقتصادي –المالي – الإداري يجب أن تعتمد إصلاحات إقتصادية وفق وصفات مؤتمر سيدر، وايضا بالشق السياسي يجب أن تعمل بجدية وعلى مدى 24 ساعة بعيدا عن أي مصلحة شخصية لتامين الحد الدنى من حقوق المواطنين الحياتية من كهرباء وإتصالات ،مع الحفاظ على قدسية الحريات والتعبير ،وبالتالي تلبية مطالب اللبنانيين الذين نزلوا الى الساحات من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية والحصول على حقوقهم الإنسانية والعيش بكرامة في بلدهم وكذلك تفعيل دور وزارة العمل للحفاظ على حقوق العمال والموظفين التي مسّت خلال هذه الفترة لأن البعض منهم صرف بسبب إقفال مؤسسته ففقدوا أعمالهم والبعض الآخر خفّضت الشركات رواتبهم حتى النصف ، علما أن معالجة تلك الملفات تستغرق كما قلنا سابقا أقله ستة أشهر ليبدأ لبنان بالتعافي تدريجيا.
وحول تداعيات إغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني على تشكيل الحكومة ،رأى أن لا دخل لعملية إغتياله لملف تشكيل الحكومة وربما من شأن هذا الموضوع أن يسرّع أكثر ولادة الحكومة وبحسب المعلومات المتداولة من المرجح أن تولد الثلاثاء المقبل (غداً) مشيرا الى أن قواعد الإشتباك بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران تغيّرت وأن الردّ الإيراني سيكون مدروسا لئلا يجر المنطقة الى حرب كما يمكن أن يكون بالأيادي الإيرانية.
وأضاف: ما يهمنا في لبنان تشكيل حكومة بأسرع وقت لتحمي لبنان من أية تداعيات وعند تشكيلها سيكون هناك عطف دولي على لبنان واستجابة من المجتمع الدولي لحاجاته من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية .
أما بالنسبة إلى ازمة المصارف فقد أشار الى أن هذه الأزمة تحصل للمرّة الاولى في تاريخ لبنان «إذا ما استثنينا بعض سنوات الحرب « فلجوء المصارف الى فرض قيود على التحاويل المصرفية وعلى عملية السحب بعد إجراءات قاسية وغير عادية وغير مقبولة مبديا تفهمه لها بالرغم من انزعاجه من طريقة تعاطي المصارف مع زبائنها مما بات علينا إستخدام « Microscope « لمعرفة ماهية التحدّيات التي تواجهها المصارف التي تؤشر إلى حدوث كوارث معيشية إن استمرّت .
وفي ما يتعلق بالـ Haircut أكد أن هذا الإجراء غير وارد وهو يندرج في إطار التهويل والشائعات ،واعتبر إنه اذا وجد الحل السياسي سينتهي حتما «التقنين « الذي تتخذه المصارف لناحية شحّ السيولة .
وشدّد على ضرورة تشكيل حكومة لأن تشكيلها يحرّر البلد والمصارف معا وكذلك القطاعات الإقتصادية كافة ويحرّك الإستيراد المتوقف قسرا بسبب أزمة الدولار التي أعاقت عمل الشركات ما انعكس صعوبة في استيراد البضائع حتى امتدّت الأزمة أيضا لتطال المدارس والجامعات مبديا تخوفه من إطالة الأزمة ما ينعكس سلبا أيضا على رواتب الأساتذة والقطاع التعليمي في لبنان .
ولمعرفة الأزمات التي فجّرت الإنتفاضة الشعبية في الشارع رأى حبيقة ،أن السياسات الإقتصادية التي أدّت الى ارتفاع مديونية الدولة مقابل إنخفاض معدلات النمو مع كل ما يترتب على ذلك من تداعيات على المؤسسات الإقتصادية والتجارية فيما الدولة إستنفدت المبالغ على الكهرباء (ولا كهرباء) وعلى السدود (ولا مياه) ولجأت الى خصخصة ما تبقى من مؤسسات خدماتية في لبنان تدرّ عائدات هامة على الخزينة وأهمها شركتا الهاتف الخلوي والهاتف الثابت «ولا (إتصالات ذات نوعية ) وتأهيل المطار «ولا مطار دولياً « يقارب في مواصفاته المطارات الدولية .
وتابع: أما على المستوى الإجتماعي فإن الأزمة تفاقمت خلال السنوات الأخيرة الماضية بفعل إرتفاع الأسعار وكلفة المعيشة نتيجة زيادة الضرائب المباشرة وغير المياشرة وكان آخرها السعي لوضع ضريبة على «الواتساب « ، ما يعني أن حرمان المواطن اللبناني من أبسط حقوقه دفعه الى النزول الى الشارع .
واكد أن اعتماد تلك السياسات التي رهنت لبنان ووضعته على حافة الهاوية لا بل دفعته الى تأجيج الصراع على الحصص لتغطية الفساد دفعته أيضا ليكون أكثر الدول مديونية في العالم وعرّضته في الأشهر الماضية لأقسى عملية تقييم من مؤسسات التصنيف الدولية التي أجمعت على تخفيض تصنيف لبنان وهنا لا بد من الإشارة الى أن إحدى وكالات التصنيف العالمية ستصدر تقريرا جديدا عن لبنان في آذار المقبل نأمل أن نكون قد شكلنا حكومة وفيه تعلن أي الوكالة تحسن مستوى لبنان .
ورأى حبيقة انه لا تزال هناك فرصة للنهوض محذراً من ان الوقت داهم، وعام 2020 بدأ ونصف اللبنانيين اليوم يرزحون تحت خط الفقر في وقت لا يملك أكثر من نصف اللبنانيين تأمينا صحيا .
وختم قائلا: أن الأوقات التي نمرّ بها دقيقة جدا وتتطلب إجراءات إستثنائية ودقيقة أيضا لئلا نذهب الى أوقات أسوأ مما نعيشها اليوم» .
إقتصاد
حبيقة لـ«الشرق»: الحل السياسي ينهي التقنين في المصارف وتشكيل الحكومة سيدرّ عطفاً دولياً على لبنان