By جريدة الشرق on ۱۸ ديسمبر، ۲۰۱۹
نشهد اليوم الظلم والتظلم بقضية الدكتور محمد العجوز الذي أوقف بتاريخ 13 أيلول الفائت تم توقيف الدكتور محمد زياد العجوز، وهو طبيب وسياسي لبناني، بإشارة النيابة العامة العسكرية لوجود بلاغ صادر بحقّه عن مديرية المخابرات التي أُحيل اليها للتوسّع بالتحقيق.
قد يبدو الامر اجراء روتيني، وهو حتى هذه الحدود كان لايزال اجراءً روتينياً، أما ما حصل بعد ذلك فلا يُمكن وصفه الا بالاجراء الكيدي المخالف لكلّ النصوص القانونية، فمفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس أبقى على العجوز موقوفاً لدى مديرية المخابرات حتى تاريخ 2 تشرين الاول، أي لمدة جاوزت العشرين يوماً خلافاً لأحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تحدّد فترة التوقيف القصوى بإشارة النيابات العامة بثمانية وأربعين ساعة قابلة للتجديد مرة واحدة أي أربعة أيام كحدٍ أقصى.
بعد احتجاز حرية العجوز لأكثر من عشرين يوماً بصورة مخالفة للقانون، تم نقله خلالها عدة مرات للمستشفى نتيجة معاناته من بعض الأعراض في القلب، أحاله جرمانوس أمام قاضي التحقيق العسكري مدعياً عليه بجناية المادة 284 عقوبات وسط تسريبات بأنه موقوف على خلفية ملف تعامل مع العدو الاسرائيلي من أجل التهويل على الموقوف وعائلته وأصدقائه لمنع السؤال عنه، في حين خلا الادعاء من أي اشارة الى مثل هذا التعامل سيّما أن الملف أصلاً خالٍ من أي معطيات تتعلق بالعلاقة بالعدو الاسرائيلي.
غير أن قاضي التحقيق العسكري ندى الاسمر منعت المحاكمة عنه بالمادة الجنائية وظنّت به بالتدخل بجنحة المادة 283 فقرة اولى عقوبات، وهي تستوجب التوقيف احتياطياً لمدة أقصاها 5 أيام سيّما أن العقوبة المنصوص عنها لهذا الجرم هي سنتَين حبساً، وقد صدّقت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جوزف سماحة قرار قاضي التحقيق بعد أن طعنت النيابة العامة العسكرية به. يوم أمس كانت محاكمة العجوز أمام المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن حسين عبد الله، الذي بعد استجواب طويل ومفصّل للعجوز ومدعى عليه آخر في الملف، وسط ذهول هيئة المحكمة وكلّ من في قاعتها من محامين كيف أن العجوز الملاحق بجرم تدخل مازال موقوفاً والمدعى عليه الثاني الملاحق كفاعل اصلي للجريمة مخلى سبيله، وبعد ارتباك وتناقض في إفادة الاخير واعترافه بعلاقة سيئة تربطه بالعجوز الذي أرجع سبب زجّ الثاني بإسمه في التحقيق الى هذه العلاقة السيئة بعدما حاول ابتزاز المال من رجل اعمال تربطه علاقة وطيدة بالعجوز دون جدوى لعدم تجاوب هذا الاخير معه، قرّرت المحكمة العسكرية فور انتهاء الجلسة تخلية سبيل الدكتور محمد زياد العجوز، الا أن المفاجأة كانت أن مفوّض الحكومة بيتر جرمانوس طعن بقرار تخلية السبيل امام محكمة التمييز العسكرية، فبعد أن ضرب بعرض الحائط كل النصوص القانونية التي ترعى فترة التحقيقات الاولية، عاد ليضرب بعرض الحائط كل المعطيات المتقدمة، ما يرتقي الى مرتبة الفضيحة التي تستوجب أن تضع لجنة حقوق الانسان في المجلس النيابة والنيابة العامة التمييزية والتفتيش القضائي اليد على هذا الملف، الذي من شأن السكوت عنه أن يعرّض سمعة لبنان الى إساءة كبيرة في مجال احترام حقوق الانسان والحرية الفردية في ضوء مخالفة القاضي جرمانوس الصارخة لكلّ الاجراءات والضمانات المتعلقة بالتوقيف الاحتياطي ومدته.
وهذا يذكرنا بقضية الفنان زياد عيتاني وما لحق به من ظلم، وهذا غير مقبول خصوصاً استعمال السلطة للانتقام وليس لإحقاق العدالة.
اليوم في الشرق
فضيحة جديدة في القضاء بطلها القاضي بيتر جرمانوس