By جريدة الشرق on ۷ ديسمبر، ۲۰۱۹
كتبت ريتا شمعون:
لأول مرّة في تاريخ لبنان الحديث أي منذ الإستقلال تتوحد القطاعات الإقتصادية في ثورة رافعة الصوت خصوصا القطاعات الطبية منذ أيلول الفائت وليس منذ 17 تشرين الأول لكن ثورة هذه القطاعات نوع آخر ثورة ضد الدولار، ومن يقود حياة اللبنانيين وصحتهم حتى أعطى الأخير مهلة شهر من اليوم الى كل من المستشفيات وتجمّع مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية.
هذا الدولار وكأنه «بائع الأمل» هو اليوم لسان حال اللبنانيين على مختلف فئاتهم واختصاصاتهم ومرضاهم.
والسؤال هل ما يحصل هو ما نقترفه بأيدينا لأننا وبكل بساطة لا نملك أي استراتيجية صحية على غرار البلدان المجاورة التي شهدت وتشهد أحداثا وحروبا مثل العراق وسوريا وليبيا ومصر التي عملت جاهدة على تجنيب القطاع الصحي لديها وفصله عن الأزمات؟
سؤال آخر، يطاول صحة المريض لماذا ناشد تجمّع مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية حاكم مصرف لبنان تعديل قراره بشأن تأمين خمسين في المئة فقط من الفواتير بحجة عدم قدرته على تحويل الأموال وخصوصا إذا كان الشعب اللبناني بخطر؟
ففي ظل هذه الأزمة نجحت صناعة الدواء اللبناني في إثبات نفسها وساهمت في تخفيف الفاتورة الدوائية عن كاهل المواطن اللبناني فكانت قيمة مضافة من خلال تأمين حوالى 1700 دواء ذي جودة وأسعار مناسبة لمعالجة الأمراض المزمنة والأمراض المستعصية «الامراض السرطانية « وكذلك الأمصال بحسب ما أكدت ﻟ»الشرق» رئيسة نقابة مصانع الأدوية في لبنان الدكتورة كارول أبي كرم.
نقيب المستشفيات في لبنان سليمان هارون أكد في حديث ﻟ»الشرق» أن الجسم الطبي في لبنان هو اليوم في قلب العاصفة ومشاكلنا كبيرة لا تعدّ ولا تحصى حتى أصبحت بعض المستشفيات غير قادرة على إستقبال المرضى بما فيها حالات مرضى غسل الكلى والعلاج الكيميائي وبعضها الآخر سرّحت عددا من موظفيها، لافتا الى أن مخزون المستشفيات لا يكفي الا لشهر واحد محذرا من كارثة إذا لم يتم تدارك الوضع فورا وقد نشهد على وفاة المرضى داخل المستشفيات نتيجة النقص بالمستلزمات الطبية أو لعدم قدرة المستشفى على استقبال المرضى. مشيرا الى أن هناك بعض المستشفيات فضّل هارون عدم ذكرإسمها أقفلت الأقسام التي تعنى بمرضى السرطان، وبعضها الآخر توقفت عن إجراء العمليات الجراحية خصوصا عمليات جراحة العظام والكسور بسبب عدم توفر المستلزمات الطبية الخاصة بها فضلا عن أنها باهظة الثمن بالنسبة للجهة الضامنة ومما عزّز تلك المعاناة شح الدولار لديها أو نقص السيولة جرّاء تأخر المؤسسات الضامنة في سداد المستحقات المتوجبة منذ عام 2011 والتي تجاوزت قيمتها 2000مليار ليرة لبنانية وتابع أن المستشفيات أصبحت غير قادرة بالتالي على سداد مستحقات مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية وهؤلاء بدورهم أصبحوا غير قادرين على استيراد هذه المواد بسبب أيضا نقص السيولة.
وفي السياق نفسه، لفت الى أن جزءا كبيرا ووافرا من الأموال المستحقة للمستشفيات في لبنان لم تسدد حتى الآن سواء ما يرتبط بالجهات الضامنة كالجيش وقوى الأمن الداخلي لعامي 2018-2019، فالذي تم سداده للمستشفيات من وزارة المالية لعام 2018 هو ما يرتبط فقط بوزارة الصحة.
وناشد عبر ﻟ»الشرق» مجددا التخفيف من القيود المصرفية فحاكم مصرف لبنان أصدر مشكورا تعاميم عدة شملت عددا من القطاعات الإقتصادية لكنها غير كافية وأضاف، كيف للمستشفى أن تقدم خدمات بمواصفات طبية عالية وهي لا تتقاضى مستحقاتها ويتوقعون منا ان نكمل.
نقيب الصيادلة في لبنان غسان الأمين أكد في حديث ﻟ»الشرق» أن سوق الدواء ليس بمنأى عن الأزمة النقدية أي عن أزمة الدولار التي تعصف بالبلاد وأكد أيضا أننا مقبلون على أزمة في الدواء بعد شهر كحد أقصى»، ونفى ما أثير من ارتفاع أسعار الأدوية.
ولفت الى أن تداعيات الأزمة الخطيرة تتمثل بفقدان عدد من الأدوية خصوصا غالبية أدوية أمراض السرطان أو بمعنى آخر أن بعض الأدوية مهددة بالانقطاع وهذا ما نخشاه.
كما أكد أن الصيدليات ملتزمة بلائحة أسعار مبيع الأدوية ولم تتأثر حتى الان بالأزمة السياسية التي يمر بها لبنان باستثناء الأدوية التي ارتفع سعرها في بلد المنشأ وعددها قليل جدا.
رئيسة نقابة مصانع الأدوية في لبنان الدكتورة كارول ابي كرم كانت أكثر إصرارا على ضرورة دعم الدواء اللبناني تحت شعار «الدوا اللبناني دوا « معتبرة أن الدواء اللبناني هو صمّام الأمان .
وأضافت، شيئان ميّزا الدواء اللبناني جودة أكيدة «وفق أرقى المعايير الدولية وبأسعار مقبولة «وثقة المستهلك اللبناني به، مؤكدة أن مصانع الأدوية في لبنان استطاعت أن تطرح في الأسواق اللبنانية حوالى 1700 دواء لمعالجة الآمراض المزمنة (ضغط، سكري، كوليسترول، ربو وإلتهاب وغيرها) والأمراض المستعصية كالأمراض السرطانية بمعدل أسعار أدنى بنسبة50% من مثيلاتها من الأدوية المستوردة «كسعر وسطي» وبالليرة اللبنانية.
كما أشارت أبي كرم الى ان مصانع الأدوية في لبنان في جهوزية تامة لتلبية حاجات الجسم الطبي خصوصا في ظل التطورات السياسية والإقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان كما أننا نملك الفدرات لتامين الدواء لأطول فترة ممكنة.
وحثّت على اعتماد صناعة الأدوية اللبنانية وكذلك المريض على استعمال الدواء المصنّع في لبنان، ورأت في الحراك الشعبي والأزمة السياسية التي نعيشها حوافز جديدة لصناعة أدوية جديدة وبعض من المستلزمات الطبية بمعنى آخر سياسة دوائية متطورة ضمن سياسة تكامل ما بين الصناعة المحلية والشركات المستوردة للأدوية، وبالتالي حوافز للدولة اللبنانية لتعمل جاهدة على دعم الصناعة الدوائية من خلال إصدار مشاريع قوانين تحمي الصناعة الدوائية في لبنان.
وقالت ليس الوقت مناسبا للمنافسة أو لمن يربح، الوقت هو للتضامن فيما بيننا وبذل الجهود لتجاوز هذه المرحلة مثنية على دعم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من خلال التعميم وفي مضمونه أن 75 % من قيمة الفواتير ستؤمن حسب السعر الرسمي لصرف الدولار على أن يدفع أصحاب مصانع الأدوية المواد الأولية المتبقية اﻟ25% بالدولار حسب سعر السوق لكنها ناشدت المصارف تسهيل التحويل الى الدولار لشراء المواد الأولية وخصوصا أن آلية مصرف لبنان واضحة بهذا الشأن.
أزمة الدولار تتسبب بإقفال بعض الأقسام في المستشفيات مصانع الأدوية في لبنان جاهزة لتلبية القطاع الطبي