، تنتهي مدّة الاتفاقية الموقّعة بين لبنان والعراق، والتي حصلت بموجبها الدولة اللبنانية على مليون طن من النفط العراقي. ما يعني عملياً، العودة إلى العتمة الشاملة بسبب رفض مصرف لبنان تمويل استيراد الفيول اللازم لتشغيل المعامل. كانت ذريعة مصرف لبنان يومها، أنه لن يبدّد سيولته بالدولار على الفيول أويل، إلا إذا طلبت الحكومة الاستقراض منه. وهذا ما يتيح له، محاسبياً، تسجيل هذه الدولارات باعتبارها أصولاً في ميزانيته لا خسائر بالعملة الأجنبية، لأن عقد الاستقراض يلزم الدولة بردّ هذه الدولارات. ولأسباب عدّة مرتبطة بتواطؤ قوى السلطة مع حاكم مصرف لبنان، تسوّل لبنان من العراق كمية من الفيول أويل مقابل تسديد قيمتها بليرات توضع في حساب في مصرف لبنان، على أن تستعملها الحكومة العراقية في لبنان. كان الأمر بمثابة «مكرمة» عراقية شارفت مفاعيلها على الانتهاء. لكن ما تغيّر اليوم هو أن مصرف لبنان قرّر أن يوقف دعم البنزين «في أسرع وقت ممكن» وأن يستعمل هذه الدولارات لتمويل الفيول أويل اللازم لتشغيل معامل الكهرباء. سلامة يقود الدفّة كيفما أراد، وهو يخيّرنا اليوم بين كهرباء لمدّة 10 ساعات، أو بنزين شبه مدعوم (بنسبة 15%).
ترجمة هذه التوجهات جاءت في كتابين منفصلين أرسلهما وزير الطاقة وليد فياض إلى مؤسّسة كهرباء لبنان للاستحصال على موافقة مجلس إدارتها على ما سمّاه «خطّة الطوارئ الوطنية». الكتاب الثاني يختلف عن الأول بأمرين: إلغاء كلمة «ضبابية» من العبارة التي تنتقد تأخّر البنك الدولي في تأمين التمويل لاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر. إذ كان الكتاب الأول يبرّر اقتراح الخطّة بسبب «الضبابية القائمة في موقف البنك الدولي لجهة تأمين التمويل الموعود لاستجرار الغاز الطبيعي من مصر إلى معمل دير عمار عبر خط الغاز العربي، وإلى حين تأمين تمويل إضافي من البنك الدولي لاستجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا». ما يعني، أن العرقلة على هذا المسار مستمرّة. أما التعديل الثاني، فهو يتضمن إدخال خيار ثانٍ لدعم استهلاك الأسر للكهرباء، ولا سيما أن الخطّة تقترح زيادة التعرفة إلى 27 سنتاً للكيلوات الواحد.
تشير خطّة الطوارئ إلى أنه يمكن زيادة التغذية بالتيار الكهربائي لتتراوح ما بين 8 ساعات و10 ساعات يومياً لمدّة سنة واحدة، وبكلفة تقديرية تبلغ 130 مليون دولار شهرياً من ضمنها كلفة الفيول العراقي ومُحتسبة على أساس سعر البرميل 110 دولارات. المبلغ سيؤمّن بالليرة من الأموال التي تجبيها المؤسسة وفق التعرفة الجديدة، في المقابل، سيقوم مصرف لبنان بتحويل هذه الأموال إلى دولارات على سعر «صيرفة». يتيح هذا الأمر تشغيل معامل دير عمار، الزهراني، والمحركات العكسية في الذوق والجية، وبعض المجموعات القديمة في معمل الذوق القديم.
على هذا الأساس، يمكن تشغيل معامل دير عمار والزهراني والذوق (المحركات العكسية، وبعض المجموعات القديمة) والجية. على أن النقطة الأهم في المقترح والتي تسبق كل ذلك، هي رفع تعرفة الكهرباء بالتزامن مع زيادة ساعات التغذية على الشكل الآتي:
- 10 سنتات لأول 100 كيلوات/ ساعة، و27 سنتاً لباقي الاستهلاك. وتكون هناك تعرفة ثابتة شهرية بمعدل 21 سنتاً لكل 1 أمبير، إضافة إلى 4.3 دولارات بدل تأهيل. وتحتسب الفاتورة شهرياً بالليرة اللبنانية وفقاً لدولار صيرفة، وترتبط أيضاً بمؤشّر سعر النفط العالمي. وفيما كان هناك اقتراح بأن يكون أول 100 كيلوات استهلاك بتعرفة 10
سنتات، أضاف فياض في الكتاب الثاني الموجّه إلى مؤسسة الكهرباء: «من الممكن اعتماد صيغة تعرفة بديلة قوامها 27 سنتاً لكل كيلوات ساعة مع تأمين بطاقات حماية اجتماعية بقيمة إجمالية سنوية لا تزيد على 200 مليون دولار للأسر الأشدّ فقراً، أو ما يوازي 17 دولاراً في الشهر لنحو 1 مليون مشترك».
هذا الاقتراح يعني أن الفاتورة ستصبح مدولرة ومرتبطة بتسعيرة صيرفة وبتطورات الأسعار العالمية. عملياً، يعني ذلك تحرير الفاتورة بشكل شبه شامل، خلافاً لما كانت عليه في السنوات الماضية. لكن فياض يبرّر الأمر بأن «التعرفة الجديدة ستبقى أقلّ كلفة على المستهلك من تسعيرة المولدات الخاصة. فعلى سبيل المثال، التسعيرة التوجيهية لشهر أيار تراوحت بين 45 و50 سنتاً للكيلوات/ ساعة من ضمنها البدل الثابت»، فضلاً عن أن الاقتراح يتضمن دعم استهلاك الأسر الأشدّ فقراً، ما يعني أن من هو قادر على تسديد ثمن الاستهلاك على التعرفة المقترحة لن يحصل على الدعم الذي سيتم تقديمه من خلال البطاقة الاجتماعية.
Lebanon
بالتفاصيل - فاتورة الكهرباء مدولرة ومرتبطة بصيرفة.. هكذا ستقسم التعرفة الجديدةفي أيلول المقبل