رنى سعرتي
♦️اجازة في الاعمال الدولية والديبلوماسية واعلامية ومذيعة في مجال الصحافة الاقتصادية في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب
اقتصاد
مع توقّع نفاد احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية في غضون 8 الى 10 أشهر، وفق تقديرات الحكومة التي تشير إلى انّ الاخير يخسر حوالى 25 مليون دولار يومياً من سيولته بالدولار، قد يصبح اقتراح استخدام الذهب لتعويض جزء من الخسائر، أمراً واقعاً بدأ طرحه.
لا يملك مجلس النواب الجديد، ترف الوقت لمناقشة خطة الحكومة للتعافي وإعادة صياغتها، ومعاودة النقاش من الصفر حول من يتحمّل المسؤولية عن تعويض الخسائر المقدّرة بـ72 مليار دولار، وخوض معارك بين المصارف ومصرف لبنان، وحتّى ضمن أعضاء جمعية المصارف، حيث بدا من تصريح عضو الجمعية تنال الصباح أخيراً، انّ هناك انقساماً داخل الجمعية. وفي المقلب الآخر، تدور معركة بين لجنة الدفاع عن حقوق المودعين وممثلي المصارف، وبين النواب التغييريين والنواب المعهودين.
من المرجح ان تتكرّر مشهدية الاختلاف حول كيفية توزيع الخسائر وشطب خسائر مصرف لبنان وغيرها من بنود الخطة، في اللجان النيابية، على غرار ما حصل مع خطة الرئيس حسان دياب. لكن الوضع المالي اليوم لا يحتمل المماطلة في بتّ الخطة، لأنّ التأخّر في إقرار خطة التعافي مع بدء الأزمة في العام 2020 أطاح حوالى 20 مليار دولار من احتياطي مصرف لبنان من العملات الاجنبية. أما اليوم، فإنّ المماطلة ستهدر آخر ما تبقّى من سيولته بالدولار والمقدّرة بين 6 الى 8 مليارات دولار، حيث انّه وفقاً لتقديرات نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال سعادة الشامي، فإنّ مصرف لبنان يخسر يومياً حوالى 25 مليون دولار من احتياطه المتبقي، وبالتالي سينفد هذا الاحتياطي في غضون 8 الى 10 أشهر.
وفي النتيجة، قد يكون مجلس النواب في غضون تلك الفترة، أمام تحدّي إقرار قانون يجيز استخدام احتياطي الذهب لدى مصرف لبنان، للتعويض عن خسائر صغار المودعين الذين تنوي خطة الحكومة حمايتهم، والمقدّرة ودائعهم بحوالى 34 مليار دولار، حيث انّه نُقل عن المعنيّين بالخطة، انّ الحكومة تبحث في استخدام احتياطي الذهب المقدّرة قيمته حوالى 16 مليار دولار لدعم تطبيق بنود خطة التعافي.
في هذا الإطار، لم يستغرب نائب حاكم مصرف لبنان السابق غسان العيّاش «أن يبدأ المسؤولون العاجزون عن إيجاد الحلول، بالتفكير ببيع مخزون الذهب، بعدما بدأت الأزمة تحاصر رغيف الخبز وحليب الأطفال والدواء».
وقال لـ«الجمهورية»: «هناك سؤالان يُطرحان بعدما بدأ بيع الذهب موضوعاً مطروحاً علناً، ولو بخفر وحياء. السؤال الأوّل: هل يمكن لبيع مخزون الذهب أن يسدّ الفجوة في النظام المالي ويردم الخسائر ويعيد الودائع إلى أصحابها؟ السؤال الثاني: هل فكرة بيع الذهب مشروعة اقتصادياً وسياسياً وأخلاقياً؟».
بالنسبة للسؤال الأوّل، اشار العياش، الى انّ بيع الذهب لا يحلّ المشكلة، إلّا بصورة جزئية وهامشية. إنّ كل ما يملكه مصرف لبنان، 287 طناً، يساوي وفقاً للأسعار الحاضرة أقلّ من ربع خسائر النظام المصرفي، التي قدّرتها خطّة الحكومة للتعافي بحدود 70 مليار دولار.
يُضاف إلى ذلك، إنّ عائدات بيع الذهب المفترضة ليست في جيب الدولة اللبنانية، لأنّ حوالى 40 بالمئة من كمية الذهب مودعة في الولايات المتّحدة الأميركية، وليس سهلاً استردادها. فهذه العملية تتطلّب وقتاً طويلاً وتمتدّ لسنوات عدة، قبل سماح الاحتياطي الفدرالي الأميركي بتسليمها لدولتنا، كما حصل مع دول أخرى.
اضاف: «الباقي من المخزون هو عبارة عن كمية كبيرة من السبائك والعملات والمواد الذهبية الموجودة في مصرف لبنان، ومن الطبيعي أن بيع هذه الكمّية (بالمفرّق) يتطلّب أيضاً وقتاً طويلاً».
هذا على فرضية سماح مجلس النوّاب ببيع الذهب، كما ينصّ القانون الساري المفعول منذ سنة 1986.
اما بالنسبة إلى مشروعية بيع الذهب، اعتبر العياش إنّ بيع الذهب وتسليم ثمنه إلى نفس السلطة التي سرقت وأهدرت المال العام والاحتياطات الأخرى هما ضربٌ من الجنون. فهذه السلطة ستهدر ثمن الذهب كما أهدرت سواه.
وأشار الى انّه من اجل تسهيل مرور مثل هذا القرار لدى الرأي العام يفترض أوّلاً أن يخرج من السلطة كل الذين تولّوا إدارة مالية الدولة واقتصادها في العقود الأخيرة.
ويجب أن يُحاسبوا كشرط مسبق لازم لتسليم الدولة ثروات وطنية جديدة. ويجب أن يكون لدى الدولة الجديدة مشروع اقتصادي وطني، يؤمّن للبنانيين مستوى معيشة أفضل وشبكة أمان اجتماعي، وهذا يشمل الجيل الحاضر والأجيال المقبلة.
الجمهورية
دولارات المركزي تنفد بغضون ١٠ أشهر.. والعين على احتياطي الذهب