خالد أبو شقرا
إدارة الاقتصاد منذ بدء الأزمة بـ"التعاميم"، جعلت المراقبين يتوقفون عند أبسط التفاصيل. ليس لأن الشيطان يكمن فيها فحسب، إنما لأنها عادة ما تؤشر إلى انعطافة جديدة لا تصب غالباً في مصلحة المواطنين عموماً والمودعين خصوصاً. هذا الشك إنسحب على آخر قرار للمركزي بتعديل سقف السحوبات من حسابات الدولار.
أثار إلغاء المادة الرابعة من التعميم الوسيط 601 بتاريخ 9 كانون الأول 2021 (تعديل التعميم 151، الصادر في 21 نيسان 2020 - إجراءات استثنائية حول السحوبات النقدية من الحسابات بالعملات الأجنبية) الكثير من التساؤلات عن الأهداف والنوايا المبيتة. ولا سيما أن هذه المادة نصت في التعميم الأساسي حرفياً على التالي: "تبقى سائر العمليات بالدولار الأميركي التي تقوم بها المصارف مع عملائها خاضعة للسعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعامله مع المصارف". فهل يعني هذا احتساب العمليات على غير سعر 1515؟ وما هي هذه العمليات؟ وهل تتضمن القروض المصرفية؟
تمهيد لتحرير القروض بالدولار؟!
المستشار المالي د. غسان شماس يعتقد بان "إلغاء هذه المادة يعني إتاحة المجال للمصارف لاحتساب سعر صرف الدولار في العمليات التي تجريها مع زبائنها مثل (التحويلات، خطاب اعتماد LC، عمليات الصيرفة، تقاضي ثمن بطاقات الاعتماد...) على سعر صرف مخالف لـ 1515 المعتمد عادة بين المصرف المركزي والمصارف. ومن غير المستبعد أن تعمد المصارف إلى التعامل مع زبائنها على أساس سعر صرف 8000 ليرة للدولار الواحد".
ما قد يطبق على العمليات المصرفية، من المحتمل أن ينسحب أيضاً على القروض المصرفية، وتحديداً منها المتعلقة بقروض التجزئة وتسديد بدلات بطاقات الاعتماد. فالتعميم الوسيط رقم 13260 على سبيل المثال يطلب فيه مصرف لبنان من المصارف عامة قبول تسديد الاقساط أو الدفعات المستحقة بالعملات الاجنبية الناتجة عن قروض التجزئة، بالليرة اللبنانية، على أساس السعر المحدد في تعاملات مصرف لبنان مع المصارف. وذلك في حال كان المقترض "مقيماً" ولا يملك حساباً بالعملة الاجنبية. ما يعني أن المركزي قد يكون تقصد من وراء حذف المادة الرابعة من تعديل التعميم 151 التمهيد لرفع الدعم عن أقساط القروض المقيّمة بالدولار ألاميركي، أو أقله تحضيراً لها بسيناريو مشابه لما حدث في وقت سابق مع الغذاء والمحروقات والأدوية". الأمر الذي يتطلب من وجهة نظر شماس توضيحاً فورياً من المصرف المركزي لما قصده بالغاء المادة الرابعة، وما هي العمليات المصرفية التي قصدها في هذا التعميم. خصوصاً أن المصارف قد تستخدم حذف المادة الرابعة لتغيير سعر الصرف على القروض المدينة وتقاضيها على سعر أعلى من السعر الرسمي المعتمد بينها وبين المركزي على 1515.
خطورة الإلتباس في هذا التعميم لا تتعلق من وجهة نظر شماس بتدفيع المقترضين مبالغ أعلى بالليرة، "إنما باحتمال الامتناع عن تسديد القروض الشخصية التي لا يوجد عليها ضمانات، وربط المقترضين تسديد اقساطهم بتغيُر سعر الصرف. فتتحول القروض إلى ما يشبه البورصة".
المودعون مغبونون
على الجهة المقابلة كان لافتاً في سياق تطبيق المصارف لتعديل التعميم 151 لجوء قسم غير قليل منها إلى عدم تسليم كامل المبلغ المستحق للمودع، وإلزامه بفتح حساب بالليرة اللبنانية، يودع فيه بقية المبلغ المستحق شهرياً على سعر الصرف المحدد من المركزي، خصوصاً إن فاق المبلغ 5 ملايين ليرة نقداً. وهنا بدأ المودعون يواجهون 3 مشكلات رئيسية:
الأولى، إلزامهم بشراء بطاقة اعتماد يتراوح سعرها بين 75 و100 دولار أميركي. ومع عدم اشتراط مصرف لبنان على المصارف احتساب سعر صرف العمليات على 1515 فان سعر هذه البطاقة قد يحتسب على 8000 ليرة. ما يعني أن ثمنها سيرتفع على المودع من 100 ألف ليرة إلى حوالى 800 ألف ليرة.
الثانية، إلزام المودعين ممن لا يملكون حساباً بالليرة فتح واحد مع ما يتطلبه ذلك من عمولات.
الثالثة، أن أغلبية نقاط البيع توقفت عن قبول البطاقات المصرفية. لان المصارف لا تسمح لها باستخدام هذه الأموال في عمليات شراء الدولار أو تمويل الاستيراد أو الدفع للموردين، وتطالبها باحضار الليرات النقدية أو التسديد بواسطة الشيكات. في المقابل يعجز الكثير من المؤسسات عن إحضار الليرات النقدية، ولا يقبل معظم الموردين بالشيكات المصرفية. وعلى هذا الأساس فضلت مؤسسات البيع بالتجزئة التوقف عن استقبال البطاقات. هذا الواقع لن يتغير من وجهة نظر شماس "إلا بعدما يسمح المصرف المركزي للتجار بالشراء من منصة صيرفة بواسطة شيك بالليرة اللبنانية. خصوصاً، أن تعميم صيرفة ينص على إحضار الأموال نقداً بهدف امتصاص السيولة من السوق. من هنا فان التخفيف من ظاهرة الاقتصاد النقدي، وتشجيع المواطنين على استعمال البطاقات المصرفية يتطلب السماح للمؤسسات والتجار بشراء الدولار من "صيرفة" وتمويل عملياتهم التجارية ومصاريفهم بالشيكات أو من الأموال العالقة في الحسابات. وبهذه الطريقة يعود المواطن ويستفيد من المبالغ الموضوعة في البطاقات.
على الجهة المقابلة كان لافتاً في سياق تطبيق المصارف لتعديل التعميم 151 لجوء قسم غير قليل منها إلى عدم تسليم كامل المبلغ المستحق للمودع، وإلزامه بفتح حساب بالليرة اللبنانية، يودع فيه بقية المبلغ المستحق شهرياً على سعر الصرف المحدد من المركزي، خصوصاً إن فاق المبلغ 5 ملايين ليرة نقداً. وهنا بدأ المودعون يواجهون 3 مشكلات رئيسية:
الأولى، إلزامهم بشراء بطاقة اعتماد يتراوح سعرها بين 75 و100 دولار أميركي. ومع عدم اشتراط مصرف لبنان على المصارف احتساب سعر صرف العمليات على 1515 فان سعر هذه البطاقة قد يحتسب على 8000 ليرة. ما يعني أن ثمنها سيرتفع على المودع من 100 ألف ليرة إلى حوالى 800 ألف ليرة.
الثانية، إلزام المودعين ممن لا يملكون حساباً بالليرة فتح واحد مع ما يتطلبه ذلك من عمولات.
الثالثة، أن أغلبية نقاط البيع توقفت عن قبول البطاقات المصرفية. لان المصارف لا تسمح لها باستخدام هذه الأموال في عمليات شراء الدولار أو تمويل الاستيراد أو الدفع للموردين، وتطالبها باحضار الليرات النقدية أو التسديد بواسطة الشيكات. في المقابل يعجز الكثير من المؤسسات عن إحضار الليرات النقدية، ولا يقبل معظم الموردين بالشيكات المصرفية. وعلى هذا الأساس فضلت مؤسسات البيع بالتجزئة التوقف عن استقبال البطاقات. هذا الواقع لن يتغير من وجهة نظر شماس "إلا بعدما يسمح المصرف المركزي للتجار بالشراء من منصة صيرفة بواسطة شيك بالليرة اللبنانية. خصوصاً، أن تعميم صيرفة ينص على إحضار الأموال نقداً بهدف امتصاص السيولة من السوق. من هنا فان التخفيف من ظاهرة الاقتصاد النقدي، وتشجيع المواطنين على استعمال البطاقات المصرفية يتطلب السماح للمؤسسات والتجار بشراء الدولار من "صيرفة" وتمويل عملياتهم التجارية ومصاريفهم بالشيكات أو من الأموال العالقة في الحسابات. وبهذه الطريقة يعود المواطن ويستفيد من المبالغ الموضوعة في البطاقات.
VDl News
مصرف لبنان يمهّد لتحرير أقساط القروض بالدولار