ليلي جرجس
هذا الخبيث الذي ينمو قد يغدرك في أيّ لحظة، علامات بسيطة وتغييرات جسدية قد تكون كفيلة في انقاذ حياتك. استطاعت العلاجات الحديثة من مناعية ومهدفة وكيميائية وهرمونية تحقيق تقدّم كبير في زيادة نسبة الشفاء واطالة العمر، حتى في المراحل المتقدمة منه.
في هذا المقال، نغوص في تفاصيل أبرز العلاجات الثورية والأدوية التي أثبتت فعاليتها في محاربة السرطان، مع رئيس قسم السرطان وأمراض الدم في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت البرفسور الدكتور ناجي الصغير.
* توصلت أبحاث كثيرة على أدوية علاجيّة ثورية في معالجة السرطان، فكيف تعمل هذه الأدوية ضدّ بروتينات ومتغيّرات طفرات الخلايا السرطانية وتمنع تكاثرها؟ وما هي نسبة فعاليتها في الحدّ من تطور المرض؟
تركز الدراسات الجديدة على أسباب السرطان والتغييرات التي تُصيب الخلايا لتصبح سرطانية، نتيجة نمو هذه الخلايا من دون أن يتمكّن الجهاز المناعي من منعها او توقيفها.
نشهد اليوم على تطورات مهمّة وجديدة في مسألة العلاجات. عندما تكون المستقبلات الهرمونية ايجابية، نعطي أدوية ضدّ الإستروجين للتخفيف من انتاجه، أو حتى قد نلجأ الى استئصال المبيض، حيث تستهدف هذه الأدوية الإستروجين لتمنع نمو الخلايا السرطانية.
كما نعرف أن تكاثر وجود بروتين HER2، يعني أن هناك ازدياد في عدد جينات HER2، يتسبب بأن تكون الخلية سريعة النمو، أو قد تعاود بسرعة أكبر وتقتل أكثر.
وعليه أصبح هناك أدوية جديدة Anti HER2، تمنع نمو تلك الخلايا السرطانية أو معاودتها ومنهاTrastuzumab ،Pertuzumab ، ،Lapatinib ،Neratinib ،Tucatinib ،T-DM1 ،T- deruxtecan ويعمل الدواء الأخير وهو مطروح حديثاً في أميركا ضد HER2، ويحمل معه العلاج الكيميائي المركّب عليه حيث يلتصق بالخلية ويدخل الكيميائي إلى داخلها ليقتلها.
ويستخدم في المرحلة الرابعة، أي عندما يكون السرطان منتشراً، وقد أظهر المؤتمر الأوروبي لعلاج السرطانات في ايلول 2021 نتائج فعّالة له.
لذلك يُبحث اليوم في استخدامه في مراحل أبكر ولأنواع مختلفة من السرطان، ولكن يجب الانتباه منه لأنّه يتسبّب بمضاعفات جانبية كالالتهاب في الرئة التي يجب معالجتها فوراً.
كذلك أظهر الدواء Tucatinib، نتائج ايجابية جدّاً ضدّ HER2 positive، في القضاء على السرطان، حتى المريض الذي يعاني من سرطان في الدماغ ساعد في اطالة أمد عيشه.
* العلاجات المناعيّة لمواجهة سرطان الثدي، كيف تقضي الخلايا المناعيّة على السرطان المتخفّي؟
أظهرت الأدوية والعلاجات المناعية ايجابية عالية في معالجة بعض انواع السرطانات ومنها الجلد، سرطان الرئة، المثانة، طفرات جينية، سرطان الكلى... وتُحفّز هذه العلاجات عمل الجهاز المناعي لمحاربة الخلايا السرطانية التي تغشّ الجهاز المناعيّ بصورة خفيّة بواسطة بروتين PD-L1. ولكن بفضل أدوية مناعية مضادة لها، بات بالإمكان منع هذه الخلايا السرطانية من توقيف عمل الخلايا المناعية.
أمّا بالنسبة إلى مرضى سرطان الثدي، خصوصاً سرطان الثدي ثلاثيّ السلبية ( triple negative)، الذي يحتوي على مستقبلات PD-L1، فقد استجابت المريضات إلى العلاجات المناعية في المراحل المتقدمة، وحصلت Pembrolizumab، على موافقة ادارة الدواء والغذاء الأميركيّة للمراحل المتقدّمة والمتقدّمة موضعيّاً.
صحيح أنّ هذه الأدوية أعطت فعاليّة ايجابيّة، لكن يجب المتابعة مع الطبيب لأنهّا تؤدّي إلى مضاعفات جانبية في الغدد الدرقية والهرمونية أو الجلد، والتي تراقبها للتخفيف من حدوثها أو علاجها.
* تغييرات الطفرات الجينية وتكاثر الخلايا
يتحدّث الصغير عن أنزيمات تُسمى PARP Inhibitor، التي لها علاقة بمضاعفات الطفرات الجينية وتكاثر الخلايا، ويعاني بعض المرضى من تغييرات جينية في الطفرات مثل BRCA، ويساعد دواء PARP Inhibitors، في تصحيح هذه التغييرات. وبات اليوم يستخدم في المراحل المتقدمة وحتى في المراحل المبكرة (أورام كبيرة).
كذلك، تشهد العلاجات الهرمونية تطوراً كبيراً، وقد أظهر أدوية CDK4/6 Inhibitors،
نتائج ايجابية، بالإضافة إلى أن دواء ribociclib، يزيد من احتمال الشفاء عند المرضى واطالة العمر لمن هم دون الـ50عاماً، خصوصاً عند المرضى الذين لديهم انتشار للمرض.
ومنذ أسبوع تمّ نشر وعرض دراسة جديدة في تشرين الأول 2021 لدواء abemaciclib، يساعد ليس فقط على إطالة العمر في المراحل المتقدمة من السرطان، بل أيضاً في المراحل المبكرة (عندما يكون السرطان منتشراً في العقد الليمفاوية وسريع النمو).
وتعتبر هذه الأدوية بارقة أمل لمحاربة السرطان واعطاء نتائج ايجابية ومبشرة في معركتنا ضد هذا الخبيث، لكن للأسف وبرغم من احراز هذا التقدّم الكبير في معالجة سرطان الثدي، نتمنى ايجاد حلّ سريعة لأزمة الدواء في لبنان حتى يتمكّن المرضى من متابعة علاجاتهم بشكل مستمرّ.
* هناك بعض الأدلة على أنّ الأسبرين قد يساعد في منع الإصابة ببعض أنواع السرطانات الأخرى وتقليل خطر انتشارها. كيف؟
أظهرت بعض الدراسات أنّ الأسبرين قد يخفف من احتمال الإصابة ببعض أنواع السرطانات، ولكن ما من شيء مثبت بعد.
إذ يحتوي الأسبرين على انزيمات تخفف من الالتهابات وهو يعمل كمضاد التهاب.
في المقابل، حذّرت دراسات أخرى من مخاطر حدوث نزيف في المعدة نتيجة تناول الأسبرين، او خطر مواجهة نزيف عند الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الأوعية الدموية والأمراض القلبية وغيرها من عوامل الخطر. لذلك نشدّد على أهمية استشارة الطبيب قبل تناول الأسبرين.
من جهة أخرى، يمكن الحديث عن أدوية الـstatin، التي تُعطى لمن يعاني من ارتفاع في الكولسترول وأمراض الشرايين. وقد أظهرت الأبحاث فعاليته في التخفيف من خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي، كما في التخفيف من عودة السرطان لدى المرضى الذين شفيوا منه. إذ يعمل على التخفيف من تكوين الأورام ،خصوصاً الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع في نسبة الكولسترول، ويتميّز بفعاليته المضادة ضدّ تكوين السرطان.
الكشف المبكر ينقذ الحياة *
ينصح الصغير باللجوء إلى الفحص الذاتي كلّ شهر والصورة الشعاعية للكشف المكبر عن السرطان بعد سن الأربعين، لتفادي الوصول إلى مراحل متقدمة منه. وقد كشفت الدراسات في الجامعة الأميركية في بيروت أن نسبة الشفاء تصل إلى 80-90% في حال الكشف المبكر والمراحل الأولى للسرطان. كما يساعد الكشف المبكر على انقاذ الحياة وانقاذ ثدي المرأة وعدم اللجوء إلى استئصال كامل للثدي، وربما تفادي العلاج الكيميائي في حال كان الورم صغيراً وبطيء النمو.
النهار
أدوية ثوريّة لمعالجة سرطان الثدي... نتائج مبشّرة في الشفاء وإطالة العمر