جعبة محمد علي زيدان «ابو زيدان» مواقف وحكايات وقصص عاشها مع الإمام المغيّب موسى الصدر، على مدى عشر سنوات، امتدت من العام 1967 وحتى أواخر العام 1977.
وفي كثير من المحطات تحول «سائق» الصدر الذي كان يقود سيارة مرسيدس من الطراز القديم (حتى في تلك الحقبة)، الى رسول في المهمات الصعبة تخطت في حالات عديدة حدود لبنان الى دول مجاورة، حاملا بين يديه رسائل من الامام الصدر الى «شخصيات رفيعة».
تعرف الشاب «ابو زيدان» الى الصدر في العام 1967 عن طريق ابن بلدته طيردبا المربي احمد مغنيه الذي كان لصيقا بالامام الصدر في تلك المرحلة. يتذكر بأن مغنيه سأله اذا كان بامكانه العمل سائقا مع الصدر، الذي كان استغنى عن سائقه السابق بعد حادث سير مؤلم، ادى الى وفاة ابن بلدة الوردانية جميل بيرم، الذي كان بصحبة سائق الصدر في احد الايام الممطرة، بعدما كان طلب الصدر حضوره للمساعدة في اجراء مصالحة في بلدة الوردانية.
وكان الطلب الاول الذي سمعه زيدان من الصدر الذي التقاه للمرة الاولى في نادي الامام الصادق في صور، هو ان يكون هادئا في القيادة والتعاطي بلطف مع الأمور مهما كانت الظروف، والابتعاد عن اي تصادم مع الآخرين، وكانت هذه التمنيات بالنسبة لزيدان محببة وكان يمارسها بقناعة في حياته المهنية والعامة.
لم يشعر «ابو زيدان» خلال سنوات عشر متواصلة امضاها مع الصدر بأية «فوقية» في التعاطي معه من جانب الامام، فقد كان تعامل الصدر معه «أبويا ومرشدا ومحبا»، وكان يعامله كأحد ابنائه، خاصة وانه كان يراه اكثر من افراد عائلته، فقد كان يرافقه من الثامنة صباحا وحتى ما بعد منتصف الليل، لا سيما في جولاته وزياراته في الجنوب والبقاع وبيروت وحتى مناطق الشمال والجبل.
كان الصدر «زاهدا بكل ترف في الحياة»، حتى انه رفض تغيير سيارته عندما عرض عليه الامر، وقال لاصحاب الفكرة «لا يمكنني تغيير سيارتي التي تتعطل دائما، وانا اشاهد امامي اهالي الخيام الذين هجرتهم إسرائيل».
ويروي زيدان، الذي كان يعلم الكثير من الخفايا السياسية، ان الصدر لم يكن يملك شيئا من المال، وكانت تتراكم عليه بدلات ايجار المنازل التي استأجرها في صور. وقال «في احدى المرات اضطررت الى رهن ساعة يد ثمينة في احدى محطات الوقود في بيروت، كان أهداني اياها الامام الصدر، مقابل تعبئة صفيحة بنزين، حتى آتي بثمنها في المرة المقبلة، لان الامام الصدر لم يكن بحوزته المال».
وفي حادثة اخرى يقول: «طلب مني الامام التوجه سوية الى مطعم الريس في بيروت لشراء سندويشات فلافل، ولكن عند وصولنا تبين لنا نحن الاثنين عدم وجود المال، عندها قال لي «أوصلني الى بيت ابي إبراهيم (الشيخ محمد شمس الدين) ألقي عليه السلام واتناول الغداء معه، وانت دبر حالك يا محمد».
يشير زيدان الى ان الصدر كان يصل نهاراته بلياليه ولا يعرف النوم، «وفي احيان عديدة كان يستلقي في السيارة اثناء تنقلاتنا بين المناطق، سواء لاتمام مصالحات عصيت على الكثيرين، ومنها في مارون الراس والهرمل والوردانية والناقورة ولبايا وغيرها، او إجراء مقابلات وندوات ولقاءات سياسية واجتماعية وتوجيهية في مختلف المناطق».
رافق زيدان الامام الى سوريا وكان في عداد وفد الى الامارات العربية المتحدة، كما رافقه في أداء فريضة الحج العام 1977. والتقاه للمرة الأخيرة في آذار من العام 1978 عندما زاره في بيروت موجها اليه بطاقة دعوة لحضور تأبين والده الحاج حسن زيدان الذي استشهد في القصف الاسرائيلي على بلدته طيردبا ابان الاجتياح الإسرائيلي. ويذكر بان الصدر وبخه قائلا: «والدك استشهد بالقصف الاسرائيلي ولا تضع عبارة شهيد؟».
منقول
بمناسبة ألحج إلى ألأراضي ألمقدسة .* *مراحل قضاها محمد زيدان سائقا لسماحة ألسيد ألإمام موسى ألصدر